الأذان يصدح في نيوزيلندا.. وتشييع مهيب لضحايا الهجوم الإرهابي
قضايا عربية ودولية
2019/03/22
+A
-A
كرايست تشيرش / وكالات
صبيحة امس الجمعة وفي إجراء استثنائي شهدته البلاد، بدأت في نيوزيلندا مراسم تشييع المسلمين الذين راحوا ضحية هجوم متطرف ارهابي على مسجدين في مدينة كرايست تشيرش في البلاد، وبثت الإذاعة والتلفزيون النيوزيلنديين أذان المسلمين، اعقبه وقوف الآلاف من بينهم رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن والناجون المصابون، في حديقة قبالة المسجد الذي بدأت فيه المذبحة المروعة، دقيقتا صمت، ثم خطبة وصلاة الجمعة، لتبدأ بعد ذلك مراسم تشييع ضحايا المجزرة الارهابية.
وخاطبت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن الآلاف من المشيعين الذين تجمعوا في متنزه هاجلي أمام مسجد النور، لتوديع ضحايا الهجوم الإرهابي، مستشهدة أثناء كلمتها بحديث للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول فيه: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
وارتدت جاسيندا ثوبا أسود وحجابا، وأبدت تعاطفها مع الجالية المسلمة قائلة: "إن نيوزيلندا تنعى معكم".
وشاركت حشود كبيرة في مراسم التأبين في نيوزيلندا، حيث تجمع الآلاف في متنزه هاغلي بارك مقابل مسجد النور في مدينة كرايست تشيرتش، بينهم نساء كثيرات ارتدين الحجاب، ومنهن صحفيات وضابطات شرطة.
ولا تزال الجزيرة الصغيرة الهادئة مصدومة على وقع الاعتداء الدامي الذي نفّذه الأسترالي برينتون تارنت البالغ 28 عاما والذي سعى للترويج لحرب طائفية من خلال اعتدائه.
لكن النيوزيلنديين تفاعلوا مع الاعتداء بالتعبير عن المحبة والتضامن مع اعضاء الطائفة المسلمة الصغيرة، واحتضن الكثير جيرانهم المسلمين الجمعة في مشاهد مؤثرة في عدد من مدن البلد الواقع في جنوب المحيط الهادئ.
وفي أستراليا المجاورة، وقف الناس في الشوارع والمحال تكريما لضحايا الاعتداء.
ودان إمام مسجد النور جمال فودة الذي وقف خلف منصة في الحديقة "الايديولوجية الشريرة لتفوق العرق الابيض" وأشاد بدعم النيوزيلنديين لطائفته المكلومة.
وقال فودة "نظرت ووجدت الحب والعاطفة في أعين آلاف النيوزيلنديين والبشر في ارجاء العالم".
وتابع أنّ "الإرهابي سعى لتمزيق أمتنا بايديولوجية شريرة، لكن عوضا عن ذلك أظهرنا أن نيوزيلندا لا يمكن كسرها".
تضامن دولي
الى ذلك تضامن الآلاف حول العالم ووقفوا دقيقة صمت حدادا على أرواح ضحايا الهجوم الارهابي.
ففي أستراليا وقف المسافرون في مطار سيدني دقيقتي صمت تضامنا مع عائلات ضحايا الهجوم، وتزامن التضامن مع وقفة صمت لدقيقتين جرت في عموم نيوزيلندا خلال مراسم تأبين ضحايا مجزرة المسجدين.
أما في أريزونا الأميركية، فقد رفع الأذان في جامعة أريزونا إكراما لضحايا المسجدين في نيوزيلندا.
كما رفع الأذان يوم أمس في ميدان ترافالغار وسط لندن، كما وقف المشاركون دقيقة صمت.
منظمة التعاون الإسلامي
الى ذلك بدأت منظمة التعاون الإسلامي، في اسطنبول امس أعمال الجلسة الطارئة، بشأن هجوم مسجدي كرايست تشيريش بحضور وزراء نيوزيلنديين.
ووجهت تركيا في وقت سابق دعوة لكافة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لحضور الاجتماع، للنظر في الهجوم الإرهابي.
في وقت اكدت فيه مصادر تركية ان 20 دولة أكدت حضورها اجتماع منظمة التعاون الإسلامي.
وذكرت المصادر أن بعض الدول التي أكدت حضورها على مستوى وزراء الخارجية، هي: إيران وإندونيسيا وباكستان وأفغانستان والسودان وقطر وليبيا والصومال، وسيشارك في الاجتماع أيضا، وزير خارجية نيوزيلندا وينستون بيترز.
من جانبه وجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الشكر لحكومة نيوزيلندا وشعبها، وخاصة رئيسة الوزراء، حيال الموقف الحازم من الهجوم على المسجدين.
وقال الرئيس التركي، خلال اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، إنه "يجب أن يكون رد فعل رئيسة الوزراء النيوزيلندية وتضامنها مع المسلمين نموذجا لكافة زعماء العالم"، وذلك بحسب وكالة "الأناضول".
وأضاف: "على السياسيين الذين يربحون الانتخابات بتبني مواقف تدعو لإقصاء المسلمين وكراهية اللاجئين أن يضبطوا خطاباتهم"، لافتا إلى أنه يجب اتخاذ سلسلة تدابير عاجلة بداية من تغليظ العقوبات، وحتى مراجعة تعريف الإرهاب في المناهج الدراسية، لمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا وكراهية المسلمين.
ودعا أردوغان إلى "التعامل مع النازيين الجدد ككيانات إرهابية مثل تعاملنا مع داعش وبي كا كا"، مؤكدا أنه "يتوجب على الإنسانية التصدي لكراهية المسلمين المتصاعدة مثلما تصدت لمعاداة السامية بعد آفة الهولوكوست". ".
من جانبه اعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أن العالم الإسلامي سيتحرك ضد خطابات الكراهية. وقال في كلمة ألقاها أمام الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء الخارجية حول هجوم نيوزيلندا الإرهابي:إن الإرهاب العنصري المتزايد تقف خلفه خطابات الكراهية والعداء للإسلام والأجانب والمهاجرين". وأشار إلى أن وسائل الإعلام والسياسيين الذين ينشرون خطابات معادية للإسلام والأجانب والمهاجرين يتحملون أيضا مسؤولية تزايد الإرهاب العنصري.
وأضاف "سنظهر رد فعلنا حيال كل خطابات الكراهية والعنف والإرهاب قولا وفعلا".
وأكد ضرورة متابعة هجمات كمجزرة المسجدين وتسجيلها من خلال آلية داخل منظمة التعاون الإسلامي، وطرحها للرأي العام العالمي وعلى جداول الأعمال في العالم الغربي، وتابع "آمل أن تتخذ البلدان التي تشهد بشكل متكرر أعمال معاداة للإسلام وكراهية الأجانب، الموقف الصادر عن الحكومة والبرلمان النيوزيلنديين، نموذجا لها .
مظاهر دعم ومساندة
بكلمة "سلام.." زينت جريدة "الصحافة " النيوزيلندية صفحتها الأولى، تعبيرا منها عن مساندتها وتعاطفها مع أهالي ضحايا مجزرة المسجدين التي هزت البلاد في الصميم.
فالجريدة اليومية الصادرة في مدينة كرايست تشيرتش، التي شهدت الحادث الإرهابي الفظيع الجمعة الماضي، وراح ضحيته 50 شخصا، مملوكة لشركة "فيرفاكس ميديا".
واختار القائمون على الجريدة التي تصدر منذ عام 1861، أن تكون صفحتهم الأولى حاملة للسلام بكل معانيه، فكتبوا عليها كلمة "السلام" باللغة العربية والإنجليزية. كما تدافعت المؤسسات الإعلامية بنيوزيلندا في كل المجالات هذا الأسبوع لتغطية الحدث، وقامت عدة صحف بتخصيص صفحاتها الأولى على مدى أسبوع للتعبير عن حزنها وأسفها لما حدث، بعيدا عن السباق والمنافسة المعتادة للحصول على أكثر مشاهدات، فقام الجميع بالدفع نحو مصلحة البلاد. في الوقت نفسه ظهرت مذيعات نيوزيلنديات مرتديات الحجاب أثناء تقديمهن نشرات الأخبار على شاشات التلفزيون.
وتعتبر هذه الخطوة تعبيرا عن التعاطف مع المسلمين في البلاد بعد الهجوم الدموي وقد سبقتهن في ذلك رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن التي ظهرت وهي ترتدي الحجاب.