أسرة الشارع

اسرة ومجتمع 2019/03/22
...

عالية طالب
من بعد مصطلح اطفال الشوارع وشيوخ وعجائز الشوارع، امتد الامر ليشمل الأسر الكاملة التي تنام وتأكل وتستجدي في تقاطعات وازقة الطرق الرئيسة.. الأم وبحضنها طفل رضيع “ مشروع الاستجداء” تجلس مسترخية وعينها  ترقب اطفالها على نوافذ السيارات ، ليس حرصا عليهم من الدهس والتحرش اللفظي والجسدي، بل لاحصاء المبالغ التي يتحصلون عليها وهم يسرعون لتسليمها حصيلة كل دورة مركبات تأتي.. ما استغربه هو تواجدهم قرب مفارز التفتيش التي تؤكد ان الامر لا يتعلق بهم، وقد يكون الامر صحيحا جدا لكن المفترض القانوني  يشترط عكس هذا، بما ان تواجدهم للحفاظ على مدينتهم  من كل ما يسيء  اليها ويؤذيها فأن تواجد هؤلاء هو اكبر اساءة متحققة وهي تعكس حجم الفساد والخراب والمظاهر الشاذة وتشويه صورة مدينة عظيمة كتب عليها ان تعيش واقعا تعسا وهي تتمتع بثروات تجعلها ضمن اكثر دول العالم ترفا بواقع 
مواطنيها !!!
الفساد الذي استفحل انعكس لينشئ “مافيات تسول” لا يمكن معالجتها  ولا القضاء عليها وتحولت من حالة عاكسة للفقر المجتمعي الى عمل مؤسساتي تديره تشكيلات ادارية ورؤساء عصابات ينظمون توزيع” موظفيهم” جغرافيا ويبتكرون وسائل وظواهر التسول من مقاعد مدولبة للعاجزين الى استئجار الاطفال  وتدريس اللهجات وايجاد فئة العاجزين من كبار السن من الجنسين وبينهم شابات  يحملن الزهور ويستعطفن المجتمع بعيون 
حزينة !!!
 
أين الدولة؟  أين المؤسسة؟
واين رجال الدين بكل ميزانيات دوائرهم واوقافهم ومشاريعهم الاستثمارية والتجارية والتنافسية والحزبية، أين تقف ميزانية العراق وسط كل هذا الخراب، وأين البرلمان “ صوت الشعب”، واين الاجهزة الامنية التي عليها مسؤولية المتابعة وتطبيق القانون المحارب للتسول “ ان وجدت هذه الفقرة اصلا “ ؟؟
المجتمع الذي يتحول مواطنوه الى متسولين ينامون في الشوارع ويأكلون فتات الموائد ويدخلون في صراعات على  أحقية الشوارع التي ينصبون فيها  مصائدهم، لا يحق له ان يقول انا مجتمع متحضر ومتماسك ويتمتع بالحقوق المدنية والقانونية والانسانية والشرعية .. فهو مجتمع يغمض عينيه عن المظاهر السلبية ويغلف الخديعة بالكذب والتدليس، ولا يمكن لمجتمع يعيش هذه الظواهر ان يتكلم عن قدرته على احداث التغيير الايجابي الذي يقضي على اشكال التردي العام والقبح المستشري.
مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني ودوائر دولة ووزارة عمل تختص بالشؤون الاجتماعية كلها لا ترى ما يجري يوميا ويتضخم يوما بعد اخر، ويبقى المواطن الذي أدمن صور البشاعة دائرا في حلقة الادمان السلبي ولا يجيد لغة الرفض والاعتراض والمحاسبة
، بعد ان استشرت في داخله  فكرة الاستقبال  الاخرس عن التنديد لكل ما يراه يوميا اينما تلفت.
على الدولة بكل مؤسساتها التصدي لظاهرة الخراب هذه وايقاف تمدد تواجد الاسر الكاملة في مشهد  يشي بحجم الكارثة المجتمعية التي يعيشها العراق والمضافة لحجم الكوارث والازمات المتعددة التي باتت اشبه بالمستعصية الحلول في واقع الصمت
 الحكومي.