قاسم موزان
في لقاء متلفز وبعد انتهاء الانتخابات التشريعية الأخيرة وبعد ظهور النتائج، سأل مقدم برنامج سياسي أحد المحلّلين الذي ضيّفه البرنامج على هامش ما اسفرت عنه من نتائج عن توقعاته بشأن الفترة التي تستغرقها لتشكيل الحكومة الجديدة، قال المعطيات الواقعية والتجاذبات تشير إلى زمن طويل يصل إلى ستة شهور، هنا أصابتني الصدمة العنيفة بمشاعر الغضب من هذا الاستقراء للقادم المحبط للآمال العريضة، التي رسمها خيالي بمستقبل زاهر بعد سلسلة متصلة من الهزائم السياسية.
وتحققت نبوءة المحلل السياسي وزادت عليها الخلافات المتجذرة في صميم الأحزاب الفائزة بالانتخابات، عقب تلك المفاجأة تساءلت مع نفسي، هل هذه الانتخابات المبكرة التي نادى بها التشرينيون ودفعوا جراءها الضحايا، واستمر المحتجون شهورا طويلة بغية إحداث التغييرات الجوهرية في بنية العملية السياسية المصابة بالعجز شبه التام والضغط عليها، لتلبية الحاجات الانسانية للمواطن العراقي في عدة ملفات، أصبح حلها مستحيلا لتسيّد الفساد المالي والإداري في مفاصل الدولة والتلكؤ بإنجاز المشاريع المهمة لتشغيل الطاقات الشبابية العاطلة عن العمل وغيرها، إلا أن الانتخابات المبكرة الخلافات العميقة قد افضت إلى انسداد سياسي خانق يشبه العواصف الترابية، التي اجتاحت البلاد في الآونة الاخيرة وكأنها تغلق باب الأمل لاتفاق الفرقاء السياسيين وتقريب وجهات النظر لتنقية الأجواء المغبرة وتخفيف حدة التوتر بين الأطراف المختلفة، التي قد تسهم في بلورة رؤية واقعية والإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة لإنجاز المهام الوطنية والدولية المرتقبة في ظلمة ما يواجهه العراق من تحديات جسيمة، وهي غير خافية على المطلعين على الشأن العراق المربك المتشابك منذ ازاحة النظام السابق بإرثه المرير، وبقيت العملية السياسية تدور في دائرة مغلقة، لتبنيها أفكار المحاصصة على نحو مقلق لإرضاء هذا المكون او ذاك ونشهد بين الحين والآخر "الزعل السياسي"، لعدم حصول الجهة التي ينتمي اليها استحقاقه في التوازن السيادي او الوظيفي .
في الآونة الاخيرة وتبعا لذاك "الاحتباس السياسي " ضعفت حدته النقاشات والحوارات بين النخب او الاوساط الشعبية وعدم الالتفات للتصريحات المتضاربة لدى السياسيين ما دفعهم لليأس والخروج من عنق الأزمات المتلاحقة، السؤال الجوهري في الأمر هل تتوقع الأحزاب المتصدرة للمشهد السياسي إقبال الناخبين على انتخابات اخرى، عتمة ما يلمسه المواطن من تهاون القوى السياسية من تشكيل حكومة تنهض بخدماته الاساسية في العيش؟ أم أن وكما يقال "أكثر الاشياء دواما هو المؤقت"، اي الإبقاء على حكومة تصريف
الأعمال.