ذوو الاحتياجات الخاصة بين الحرمان والإهمال

آراء 2022/05/17
...

  كاظم صبار العبودي 
يشق ذوو الإعاقة طريقهم في الحياة بصعوبة بالغة، بحكم ما فقدوه من مكون أساس في أجسادهم أو لفقدان أحد أعضاء جسمهم لوظيفته، ويحفر العراقيون منهم في صخور المستحيل ليعبدوا طرقهم الخاص بالحياة، فتراهم مبدعين في مجالات اتقنوها بجهدٍ مضنٍ وإصرارٍ عظيم وعمر طويل، وفي ظل ذلك الابداع والاصرار والكفاح، تدير الدولة والحكومة العراقية ظهرها لتلك الشريحة المهمة.
بينما تبذل الدول المتقدمة جهوداً كبرى لمساعدتها في العيش الكريم وتسهيل اندماجها في المجتمع، فضلاً عن دعم الموهوبين منها ليكونوا شريحة قادرة ومنتجة، فيصطنع المسؤولون في الدولة العراقية العراقيل لإعاقة أولئك الموهوبين والمبدعين، الذين أذابوا العمر لتحقيق أحلامهم، لإزاحتهم وإقصائهم من الحياة وهم احياء، واعتبارهم شريحة يجب أن تبقى من الدرجة الثانية وتحت الوصاية. 
ولاحظنا ذلك في قانون ذوي الاعاقة المخجل رقم 38 لعام 2013م، الذي لم يتمكن من تحقيق أحلام هذه الشريحة ولم ينصفها، بل صار عائقاً بيرواقراطياً ينظم إلى كم هائل من الاجراءات التعسفية والصيغ القانونية الاقصائية التي تواجه ذوي الاعاقة، وضع أغلبها ليملأ فراغا على الورق ولتكون حاجزاً ومانعاً، وفي جانب آخر صار تشريعاً يتسلقه المنتفعون من السياسيين وغيرهم يستغلونه لمغانمهم، وارثا من المناصب يتقاسمه البعض الآخر . 
فأعوام مضت على إقرار القانون ولم يمنح ذوو الاعاقة هويات خاصة تمنع إذلالهم وتنزلهم من "دولاب هواء" التقارير الطبية و الاوراق الثبوتية المذلة للمعاق التي تجري بكل مناسبة وحدث واستحقاق مهما كان بسيطا أو ضئيلاً. 
فالإجراءات تطبق بأعنف صورها على ذوي الإعاقة، وتجعلهم يفترشون الأرض في اللجان الطبية ويقفون في طوابير اللانسانيية منذ الصباح الباكر، ليثبت للجنة الطبية للمرة الأف أن ساقه مبتورة وآخر يثبت من على كرسيه المتحرك وقدماه النحيلتان تتدلى أنه مقعد، والنكى أن هناك أصحاء أثبتوا عوقهم على الورق، دون أن يمروا على اللجان او الدوائر ذات العلاقة او مرَّوا مرور الكرام، ليتطفلوا على حق بسيط لشريحة مظلومة، كما جعل القانون الوصاية لأصحاب المحاصصات ومطامعهم، ليضعوا من لا يشعر بهموم وآلام ومعاناة هذه الشريحة وصيا وراعيا، دون رعاية فعلية وخارج خدمة ذوي الاعاقة واحتياجاتهم، ضاربين القانون عرض الحائط، ولم يقف الامر عند المؤسسة المعنية بذوي الاعاقة بشكل مباشر، بل تعداه إلى الصحة وملاكاتها الطبية، التي لم تراعِ أنها تتعامل مع شريحة تحتاج للرعاية وتوفير سبل الخدمة، فتجد أطباء اللجان دائما ما يتغيبون أو يتأخرون لساعات طويلة تصل لأكثر من ثلاث ساعات، مستهينين بهذه الشريحة وآلامها ومعاناتها، ما جعل المعاق تحت رحمة غيره، ودفعه لليأس وعدم المراجعة في أحيان كثيرة، لأن معاناته في المراجعة فاقت حقوقه التي يمنحها أياه القانون، ناهيك عن وزارة التعليم العالي والتربية، فلم تضعا الأولى بالحسبان ظروف المعاق القهرية كاشتراط العمر للمعاقين لاكمال دراستهم العليا، أو يجب أن يقضي سنتين بعد آخر شهادة في وظيفته، وكأنها تتقصد تقزيم حق قانوني بسيط جدا وضعه منصف لاحتضان طاقات هذه الشريحة، وتجاهلت أن المعاق كلما تقدم بالعمر زادت معاناته من العوق وان ظروفه غير مستقرة صحياً واجتماعياً ومادياً، لينتظر سنوات أخرى، ومنعت من تقدمَ بالسن شيئا قليلا أن يقدم على الدراسات العليا، ولم تلتفت الوزارة إلى أن القانون ضمن مقعداً لذوي الاعاقة، بينما تضيع وزارة التعليم مئات المقاعد المخصصة للمعاقين سنويا بسبب شروطها، التي لم تراع وضع ذوي الاعاقة وظروفهم الصحية والاجتماعية لتساويهم بغيرهم، لذلك هي مدعوة لإلغاء شرط العمر والخدمة سنتين بعد خر شهادة لذوي الاعاقة لاشغال هذه الشريحة مقاعدها المخصصة وعدم المنّة بها، فقد حددها قانون صريح و واضح، كما ويجب ألا تتقاطع الضوابط مع روح القانون، كذلك تعد خطوة منها لدعم المبدعين من هذه الشريحة، التي يجب ان تخطوها كونها المعني الأساس 
باحتضانهم.
ولا نكتفي بهذا الحد فالتربية معنية ايضا بهذا الشيء فهي لم توفر المدارس والصفوف التي تراعي ذوي الاحتياجات الخاصة والمناهج الدراسية والمباني ومتطلبات آخرى.
أما المؤسسات مثل وزارة التخطيط والمحافظات والوزاراة المعنية بالبناء والنقل، يجب أن توفر في كل مبنى وطريق ووسائل النقل متطلبات ذوي الاعاقة من مقاعد وسلالم وأماكن خاصة وأماكن وقوف وغيرها، فتخصيص مصعد للمسؤول وحرمان ذوي الاعاقة إجراء مخزٍ ولوثة انسانية وظليمة كبرى، يجب أن تدينها حقوق الإنسان التي صمتت كثيرا عن إهمال وتجاهل هذه الشريحة.