المخدرات وباءٌ يحاولُ التهامنا

آراء 2019/03/22
...

احمد جبار غرب
فيكون متخبطا غير مسيطر على انفعالاته الوجدانية واتزانه العقلي ، فيلجأ الى المخدرات للتخفيف  عما يعانيه ،علما ان من يقع ضحية تلك المخدرات من ذوي الشخصيات الحساسة غير القادرة على التحمل ولا تطيق الاهوال التي تتعرض لها ولا اقول انها ضعيفة قطعا. 
والصورة الثانية تتناول تلك المخدرات التي يتعاطاها بعض الاغنياء جدا لشعورهم بعالم الرفاهية والترف واكتشاف عالم التخيلات والهلوسة وهو عالم غريب حقا  وهؤلاء حقيقة ونتيجة لوجودهم في مجتمع منفتح ومتمكن اقتصاديا ،لا يتأثرون سلبيا بالحالة المادية انما ينعكس التأثير على الشخص ذاته وإدمانه لا يشكل له مشكلة ضمن محيطه او اسرته على عكس العائلات الفقيرة ،حيث المخدر يكون نتيجة وليس سببا قد يدفع ابناءها لارتكاب جرائم بشعة للحصول على المخدر، لأنه ادمن عليه جسميا ولا يستطيع الفكاك منه ومن هنا يكون الخطر الاجتماعي للمخدرات حيث البيئة مهيأة لاحتضان هذه الحالات، لاسيما اذا كانت على شكل مجاميع وينتشر من شخص الى اخر وتكون الخطورة اكبر واشمل والحقيقة ان هاجس المخدرات وخطره اجتماعيا، هو المحفز لكثير من الدول لمعالجته عبر القوانين او المصحات العلاجية وفي بلدنا العراق وفي الزمن السابق كانت التشريعات حاسمة في معالجة المتاجرة والتعاطي حيث عقوبة الاعدام للمروجين والتجار وتلك العقوبة كانت كافية ،لإدخال الرعب في نفوس من تسول له نفسه الولوج في هذا المضمار .اما الان وفي ظل ظروف مختلفة هناك الحرية والانفتاح وعدم جدية اولي الامر في معالجة الموضوع بشكل قاطع ، فقد انتشرت هذه الافة في اوساط الشباب وفي مناطق مختلفة من العراق ، ما ادى الى حدوث جرائم فظيعة وغير متوقعة نتيجة التعاطي للمخدر والغريب ان السلطات المسؤولة وأجهزة الداخلية تمارس ضغوطا كبيرة وقاسية على المشروبات الكحولية رغم عدم تأثير هذه المشروبات سلبيا في المجتمع وهي ليست كالمخدرات ولكنها تحدث نوعاً من النشوة والهدوء والصفاء والتركيز الجيد ، اذا ما اخذت بشكل معتدل دونما اسراف وتأتي الهجمات على الحانات والبارات ليس من منطلق اصلاحي او صحي او اجتماعي انما من منطلق الحرام والحلال وفي الغالب تقوم بها جماعات متشددة ولا يوجد قانون ينص على منعها ،لكن دائما تختلق الذرائع في سبيل الانقضاض على اماكن الاحتساء في حين يغض البصر عن الحشيشة وغيرها من المخدرات  والمهربة من دول الجوار واغلب المهربين هم مافيات مرتبطون بشخصيات متنفذة ، طبعا هناك خلط بين المخدرات والمهدئات الكبرى والمسكرات كالماريجوانا والكوكايين والهيروين والأفيون والمورفين وال اس دي والفلاكا التي تصنف كمخدرات ضارة بالمجتمع وخطر محدق عليه باستثناء بعض المورفينات التي تعطى كمسكنات قوية 
لأصحاب العمليات الكبرى والذين يعانون من الالام الحشوية القاسية ، اثناء الحروب وبين المهدئات الكبرى كالكلوربومازين والموكادون والبنزودايزينات 
والفاليوم 25ملغم والميبروبامات والسيراكس والليبراكس والبنتاكون وغيرها الكثير  وهي من المهدئات واغلبها يستخدم لأغراض طبية في المعالجات النفسية وتحت اشراف الطبيب واستشارته.
هناك من يعتبر كل هذه المجموعة هي مخدرات وهذا خطأ فادح فالمجموعة الاولى هي المخدرات والتي تسبب الهلوسة والارتياب وأحيانا العظمة كما في ال اس دي وهو من المنشطات القوية جدا ويسمى المساعد الطيار اذا كانت تعطيه الحكومة الاميركية لطياريها ابان حرب فيتنام لإدامة شجاعتهم وبالفعل فان هذا المنشط القوي يعطي شعورا بالعظمة والشجاعة وعدم الخوف من اي شيء ويستخدمه الدواعش في العمليات الانتحارية ايضا وكذلك الكوكايين وهو مخدر مهلوس يرى متعاطيه الماء يطير والدخان يتراقص كالبشر وخطره يكمن في ان متعاطيه قد يرتكب الجرائم بدون سبب واضح  اما المجموعة الثانية فهي من المهدئات الكبرى والتي تؤثر عقليا في الانسان وسلوكه فيشعر بالانشراح والسعادة والاستقرار النفسي وهنا يكون الاعتماد عليه نفسيا حيث يشعر متعاطيه بالحاجة النفسية لإبقاء الشعور بالفرح والانشراح مستمرا وليس جسميا مثل المخدرات حيث يشعر مدمن المخدرات بالرعشة والتقيؤ والهذيان وعدم الشهية للطعام والسوداوية  وتستطيع ان تلاحظ ان الشخص المتناول لتلك المواد من خلال سلوكه غير الطبيعي بينما مدمن الافيون او الحشيشة تستطيع معرفتهم من خلال (الخنة ) عندما يتكلمون وتكون واضحة واغلب المهدئات تؤدي الى الادمان النفسي وليس الجسمي على عكس المخدرات ويمكن سحب المجموعة الثانية (المهدئات والمسكرات) بسهولة عن طريق سحب الدواء  من الجسم تدريجيا عن طريق الطبيب المعالج ولا يقطع عنه العقار دفعة واحدة فقط لأنه سيتألم وربما يلجا للانتحار بينما المجموعة الاولى تحتاج الى مصحات نفسية ورقود في المستشفى لسحبها من الجسم اما المورفينات فاغلبها يستخدم اثناء العمليات الجراحية كمخدر وأيضا يعطى كحبوب لمنع الالام الحشوية القاسية كالام العظام التي يشعر بها المريض اما الموكادون فهو منوم ومعالج لاضطرابات النوم واعتقد ان اغلب الادوية المهدئة لا تعطى إلا بوصفة طبية لان استخدامها من دون ارشادات الطبيب يشكل خطرا على متناولها والحقيقة لا توجد حبوب مخدرة ابدا انما هي مهدئات كبرى وهناك مخدر جديد ولكنه مدمر والمصيبة رخص ثمنه وأتمنى ألا يدخل للعراق واسمه الفلاكا وهو ينتج في الصين على شكل حبيبات بيضاء وتؤدي تلك الحبيبات الثلجية الى شعور الانسان بأنه يملك قوة خارقة وهمية طبعا، اضافة الى امكانية طيرانه او سباقه مع السيارات ويتصور انه سينافسها وهو خطير بسبب ان متناوله يتحول الى عدواني كالكلب – حاشاكم - حيث يقوم بعض الانسان واقتلاع قطعة من اللحم من جسده في سلوك وحشي 
مدمر ذلك هو ما يخلفه هذا المخدر الرخيص والمفجع اجتماعيا ومن هنا نطالب الجهات المختصة والمسؤولة مكافحة افة المخدرات لأنها خطر كبير ينذر بتحطيم المجتمع وتحويله الى مجتمع اشباح وألا ينظر لكل تلك المصنفات على انها من نمط واحد فهناك المسكرات تكاد يكون خطرها محدوداً وشخصياً فقط. وهناك الحبوب المهدئة التي يتناولها البعض بشكل خاطئ ودون معرفة الطبيب بينما الحشيشة وباقي المخدرات هي التي جديرة بالمكافحة والحد من انتشارها لأنها تهد كيان المجتمعات وتحطمها وكلما 
كانت المجتمعات تتمتع بالصحة والعافية كلما كانت اكثر انتاجا وأكثر تطورا وتقدما .