مرت يوم السبت الماضي الذكرى السنوية الـ 31 لجريمة نظام صدام بقصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيمياوي والتي راح ضحيتها نحو 5 الآف شهيد و 10 الآف ضحية من المصابين .
كانت هذه الجريمة المروعة والاليمة هي الجريمة الاقسى والابشع التي ارتكبها ذلك النظام من بين جرائم عديدة اخرى، بحيث يمكن وصفها حقاً بـ (أم الجرائم) مثل جريمة مجزرة الدجيل التي ارتكبها النظام عام 1982 ومجازر قمع أهالي ومدن انتفاضة آذار عام 1991 وكذلك ارتكاب جريمة مجزرة سبايكر حزيران عام 2014 التي شارك فيها فلول ذلك النظام الذين انضموا لصفوف (داعش) .
واذا كان صدى وفظاعة تلك الجرائم لا ترقى الى حجم وهول (أم الجرائم) في حلبجة ، فانها تمثل اخوات لها وتدخل في عداد الجرائم التي ارتكبها نظام الطاغية صدام من حيث قسوتها وهولها وفظاعتها ومن حيث تعبيرها عن مدى قسوة هذا النظام وعنصريته ودمويته وما تحمله نفسه من كراهية وحقد وعنف ضد الآخرين ، فضلاً عما تحمله من غلو وفكر متطرف تماماً كما حملت وتحمل التنظيمات الارهابية من فكر متطرف عنيف يؤدي الى الارهاب المدمر .
ان التذكير الآن بهذه الجريمة المروعة بحق حلبجة واهلها وكذا التذكير بالجرائم الاخرى المماثلة لنظام صدام لا تهدف فقط الى تجديد الحزن والآلام لما اسفرت عنه تلك الجريمة واخواتها ، انما ايضاً ، بل من اجل القصاص من مرتكبيها وان جاء متأخراً ، لكن الاهم من كل ذلك هو الاستمرار في توجيه الرسائل المعبرة والغاضبة لكل الحكام الطغاة الذي يستهينون بحياة ودماء شعوبهم والشعوب الاخرى وتحذيرهم من انتهاج السلوك ذاته وارتكاب الجرائم المماثلة ضد الانسانية واشعارهم بأنهم ، ليس فقط لن يفلتوا من العقاب ، وان كان آجلاً ، وانما لن يفلتوا ايضاً من تلطيخ اسمائهم وسمعتهم وحكمهم وتاريخهم بالسواد والعار الأبدي الذي لن يمحوه ابداً تقادم الأيام والسنين .
إن استمرار أهالي حلبجة العراقيين الكرد الأحياء المفجوعين بفظاعة (أم الجرائم) في الكفاح لنيل حقوقهم والمساهمة بإنزال القصاص والاطاحة بالنظام الذي ارتكب هذه الجريمة وكذلك استمرار بقية العراقيين العرب الذين طالتهم جرائم نظام صدام بالكفاح المتواصل للقصاص منه واطاحته ، انما كان ولا يزال يعبر كل ذلك عن ابلغ الدروس للحكام الطغاة ، ان جرائمهم لن تثني الشعوب عن مقاومتهم والتصدي لهم والعمل من اجل إطاحتهم من دون هوان او تهاون.
وإذ نستذكر في هذه الايام (أم الجرائم) في حلبجة واخواتها من الجرائم الاخرى ، فلأن ذلك يشكل ادانة مدوية لأولئك الحكام ولكل الفلول الصدامية التي بدأت تطل برأسها وتعبر عن حنينها لذلك النظام مستغلة التعثر الكبير وآفة الفساد الذي تعاني منه العملية السياسية، وترفع شعار ادانة (الاحتلال الاميركي) الذي أطاح ذلك النظام وتغرق في أوهام اعادته أو ما يشبهه الى السلطة وحكم العراق !
ان خيبة أمل الكثير من العراقيين لما آلت اليه العملية السياسية من احباط وتبديد لآمالهم بالتحرير والتغيير ، انما يتطلعون لنظام أفضل لا عودة فيه لنظام دمر العراقيين والعراق ولم يكن ارتكابه لـ (أم الجرائم) في حلبجة واخواتها الا غيضاً من فيض من الامثلة على تلك
الجرائم .