شيرين.. والتطبيع

آراء 2022/05/17
...

 عبدالزهرة محمد الهنداوي
 
موجة عارمة من مواقف الإدانة والاستنكار شهدها العالم، بعد استشهاد الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين.
شيرين التي استشهدت بنيران الجنود الصهاينة، بعد قيامها بتغطية اشتباكات بين الشباب الفلسطينيين وأولئك الجنود العتاة.
موجة الاستنكار هذه لم ترافقها أي مواقف جادة وصارمة أزاء الكيان الاسرائيلي الذي تجاوز كل الحدود، وهم يرتكبون أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين، من دون أن يرف جفن للعرب، ولا البلدان التي تدعي وصلا بحقوق الانسان، والمثير للسخرية، أن المستنكرين لاستهداف شيرين، يطالبون السلطات الاسرائيلية بالتحقيق في الحادث والإعلان بشفافية عن نتائج التحقيق، ومعاقبة مرتكبي الجريمة باقسى العقوبات!، وكأنهم بدعوتهم هذه يتعاملون مع حمل وديع، لم يعرف الإرهاب، ويلتزم بإفراط في المحافظة على حقوق الانسان.. وربما فعلا سيجري التحقيق في مقتل شيرين، ليس لأنها فلسطينية، بل لأنها تحمل الجنسية الأميركية.    
اما عن موجات الاستنكار، فهي محمودة بكل تأكيد، ولكن ايضا، لو لم تكن شيرين اعلامية، وتعمل لدى قناة فضائية واسعة الانتشار، فما كان لأحد أن يلتفت اليها، او يستنكر جريمة قتلها أحد، ولأنها إعلامية، فقد كان لها بواك كثر، ولكن ماذا عن جرائم الصهاينة الأخرى بحق الفلسطينيين؟، اذ لا يكاد يمر يوم من دون سقوط شهداء جدد، لا لسبب إلا لأنهم ما زالوا يرفضون الاحتلال؟.
ماذا عن المجازر المروعة التي ارتكبتها اسرائيل في المدن الفلسطينية طوال فترة احتلالها لتلك المدن، فامتلأت بالمقابر الجماعية؟.
المصيبة، أن كل تلك الجرائم والمجازر الوحشية، لم تثن العرب عن الهرولة، نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، اذ لم يعد منظرا مثيرا، مشهد طائرات الخطوط الإسرائلية وهي تهبط في مطارات العواصم العربية، ولم يعد المسؤولون العرب يترددون في استقبال المسؤولين الاسرائليين، في القصور العربية، وليس غريبا أن نشاهد السيّاح الصهاينة، وهم يتمتعون بشمس ورمال شواطئ العرب!.
وازاء مشهد التطببع هذا، لم يعد أحد يسمع صوت الرافضين للتطبيع، على الرغم من صراخهم وركضهم يمينا ويسارا مثل المجانين، ولكن من دون جدوى، فإسرائيل ماضية في تطبيق سياساتها، القائمة على قتل كل من يحاول الصراخ بوجهها.
فاسرائيل لو كانت تعلم، انها ستتعرض لاي عقوبات من اي جهة كانت، لما تمادت في ارتكاب هذه الجرائم.
الذي تعلمه اسرائيل، أن هناك من يدافع عنها، وهناك من يلّمع وجهها، فالمطبعون مستعدون لفعل أي شيء من أجل أن يحظوا بابتسامة من واشنطن أو من تل أبيب!
السلام لروح الشهيدة شيرين أبو عاقلة، التي بشهادتها كشفت عورة المطبعين، وإن كانوا لا يخجلون من كشف 
عوراتهم.