الإعلام ونرجسيّة المسؤول

آراء 2022/05/17
...

 عمران العبيدي
تعد مهمة مكاتب الإعلام لمؤسسات الدولة من المهام التي لم يتقن بعضهم التعامل معها بصورة مهنية، بل إن غالبية منها لا تعرف المهام الحقيقية لمعنى وجود دائرة إعلامية لمؤسسة رسمية تتعامل مع جمهور واسع من المهتمين، فسقط في شِراك سوء استخدام تلك المهمة وإنحرافها عن مسارها الحقيقي.
 
هذه المؤسسات في الغالب تتعامل بالخبر الصحفي، وللخبر الصحفي قواعد وأصول يعمل في فضائها، والدارسون والعاملون في حقل الإعلام يدركون أن الخبر هو ما يهم أكبر شريحة اتصالية، بمعنى أن يحقق الخبر أوسع اهتمام من الجمهور وكلما اتسع الجمهور اتسعت أهمية الخبر، لنترك التعريفات ونعود إلى أصل مقالنا ونضع المكاتب الإعلامية في ميزان دقة ونوع الأخبار، التي يسوقونها للجمهور، فنجد أن الكثير منها لا يعني الجمهور بشيء ولا نشترط هنا جمهوراً واسعا بالتأكيد، بل الحد الأدنى من الأهمية حتى لو كان جمهوراً محدوداً وشريحة قليلة من المتلقين إن كان يحتوي على عنصر الفائدة، وعلى ضوء ذلك سقطت تلك المكاتب في هاوية تبييض وجوه مرؤوسيهم على نحو ممل ومثير للسخرية.
ما يهم الجمهور المتلقي للخبر هو أن يكون مضمون الخبر يحتوي إنجازاً ذا فائدة له، ومن دون ذلك يكون الخبر في دائرة اللاجدوى، بل هو ايذان بفراغ وكما يقال (ضحك على الذقون) يقترب من الاستهزاء بالجمهور المتلقي في محاولة لتحسين صورة المسؤول أمام 
جمهوره.
عديد من مكاتب الإعلام تخبرنا عن أخبار التهاني والتبريكات، التي يتلقاها المسؤولون بهذه المناسبة او تلك، ولا نعلم أن تحولت تلك المكاتب إلى إعلام خاص لهذا المسؤول أو ذاك او خبر استقبالات لتقديم التهاني، أو ربما يتحول مرض المسؤول إلى خبر يتصدر واجهات المواقع الرسمية لتلك المؤسسات وانهيال باقات الورد بمناسبة 
الشفاء.
ربما أيضا يكون اجتماع مسؤول مع موظفيه خبرا أيضا، رغم انه يقع ضمن الأعمال الإدارية الروتينية، التي من الواجب أن يمارسها أي مسؤول، أو تكون زيارة مسؤول لدائرة من دوائر الوزارة أو المؤسسة عملاً قديراً.
في حقيقة الأمر أن هذه ليست أخباراً، بل نشاطات روتينية لا قيمة لها لدى الجمهور المتلقي، بل أن ما يهم الجمهور هو أن يتضمن الخبر إنجازاً يؤدي إلى فتح آفاق التطور والنمو أو اجتماعات تتمخض عن قرارات تثير اهتماماً 
واسعاً.
ناهيك عن البطء في متابعة الأحداث وتقديم التوضيحات أمام أية أزمة تثار على مستوى المجتمع، ومنها أزمات خانقة تعجز تلك المكاتب عن مواجهتها.
دون ذلك نكون قد أفرغنا عمل المكاتب الإعلامية من محتواها وحولناها بوقاً يصدح باسم المسؤول، وما أكثرها حتى أصبح عديد من يعمل ضمن هذه المكاتب يلهث خلف تلك الأخبار أكثر من عنايته بأخبار أخرى، إرضاءً لنرجسية مسؤولٍ لا يقيم اهتماماً لمعنى الإعلام 
الحقيقي.