مجتمعات المعرفة

آراء 2022/05/17
...

 سرور العلي 
 
لا شكَّ أنَّ أي مجتمع يحتاج إلى التقدم التكنولوجي والمعلومات الكثيرة والمهمة، ليتم توظيفها للوصول إلى المعرفة التي ستساعده على التطور والنمو في المجالات كافة، وهو مفهوم شاع في العصر الحديث، نتيجة للعولمة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، ويتضمن العنصر البشري أيضاً، كتنميته وتطويره والتركيز على إبداعه، وتقديم له جميع الدعم، ونقل المعرفة إلى مختلف الأجيال، كما أنه مجتمع يهدف في النهاية إلى الإنتاج، وتكوين ثروة وهو ما يطلق عليه برأس المال الفكري.
ويبنى هذا المجتمع على أسسس عديدة، ومنها احترام وتقبل التنوع المعرفي واللغوي، وضمان حرية التعبير في الرأي، وتوفير القدرة للوصول إلى المعلومات التي يرغب بها، وضمان الحق بالتعليم للأفراد، لتحقيق عدة أهداف، كالسلام والتنمية الاقتصادية والمستدامة، وتحقيق التمكين الاجتماعي، وإتاحة الموارد العلمية والبحوث والدراسات، ويتميز هذا المجتمع بالعمومية، ولا يقتصر على الدول الصناعية فحسب، بل يشمل البلدان النامية كذلك، لاعتمادها على رأس المال الفكري، وساعد على ظهور مجتمعات إفتراضية عديدة، تتكون من شركاء منتشرين على مسافات متباعدة، توحدهم لغة ومصلحة مشتركة.
وقد ظهر مصطلح مجتمع المعرفة في القرن العشرين، نتيجة للتغيرات التي حدثت من ثورة صناعية كبيرة، وازداد في العصر الحديث للاهتمام بالاتصالات والمعلومات، والخبرات والمعارف، وكان قديماً البشر يتقاسمون المعرفة بشأن الأمور والقضايا المختلفة، كالتنبؤ بالمناخ وأثناء الصيد، وفي الظواهر التي تمس حياتهم، لكن اليوم وبفضل التكنولوجيا أصبح العالم كقرية صغيرة واحدة، تتبادل المعارف والقدرات من دون مواجهة تحديات.
وكل ذلك يتطلب التركيز على المعرفة، كونها ضرورة قصوى ودعم أفرادها، وتوفير لهم كل السبل للاستمرار، والاستفادة من شبكة الإنترنت بأخذ منها المعلومات النافعة والقيمة، وزيادة وتطوير البحث العلمي، وتخصيص البعثات للدراسات العليا، وتهيئة بيئة صالحة لتكوين المعرفة والإبداع والابتكار. 
وتحتاج هذه المجتمعات إلى بنى تحتية صالحة، من طرق وجسور ومواصلات، وتطوير بيئة التعليم الافتراضي، وتوفير بنية إلكترونية لإتاحة المعلومات والإنترنت، وتوسيع الأنشطة الخاصة، وزيادة الوعي المجتمعي، وتثقيف المجتمع وتهيئته لاستقبال المعرفة.