وظيفة القانون في الأزمات

آراء 2022/05/21
...

 د. حميد طارش
 
وسط هلع الآباء والامهات وموظفي الخدمة الاجتماعية في الولايات المتحدة الامريكية من النقص الحاد في حليب الاطفال استطاع الرئيس الامريكي بموجب قانون الانتاج الدفاعي اتخاذ اجراءات فعالة وحاسمة لمعالجة الازمة... بدأت من استخدام الطائرات التجارية العسكرية كجسر جوي لاستيراد الحليب الى توجيه الشركات الصناعية بأعتماد أولوية تأمين متطلبات انتاج الحليب فضلاً عن توجيه وزيري الصحة والخدمات الانسانية والزراعة بالقول “ أطلب منكما اتخاذ جميع التدابير المناسبة المتاحة للحصول على تركيبة آمنة إضافية لحليب الأطفال ... على الفور” .
     صدر القانون المذكور في 8 أيلول 1950 أبان الحرب الكورية وهو يتيح للرئيس صلاحيات واسعة في مواجهة الازمات المتعلقة بالسلع والحاجات الضرورية للدفاع الوطني ويعاقب اصحاب الشركات غير الملتزمين به بالحبس من سنة الى سنتين او الغرامة المالية... وقد طبق القانون المذكور من قبل الرئيس السابق ترامب والرئيس الحالي بايدن في مكافحة وباء كورونا من حيث معالجة النقص الحاد في الكمامات واجهزة التنفس الاصطناعية وغيرها من المستلزمات الاخرى...
     وتجدر الاشارة هنا الى قيام مجموعة من اعضاء الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين بدعوة الرئيس الامريكي باتخاذ اجراءات فعالة بمقتضى ذلك القانون ، أي كانت المصلحة الوطنية بمعزل عن المصالح الحزبية الضيقة ولم تكن موضوعاً للمساومة أو التعطيل...بل ويدركون بأن موقفهم هذا سيكون موضع احترام وتقدير الشعب ، وبعبارة أخرى ، يحسب لهم ضمن المفهوم التنافسي بأعتبارهم حريصين على المصلحة الوطنية بجعلها اعلى واهم من مصالحهم السياسية والشخصية...وهذا بخلاف ما نجده في الواقع السياسي العراقي...فكم مشروع قانون فيه مصلحة كبيرة للعراقيين لكنه لم ير النور حتى لايحسب للجهة التي قدمته أو دعمته متجاهلين حاجة الناس وما يمكن ان تسفر عنه من تقدير لموقفهم...
     واذا كانت المنظومة التشريعية خالية من هذه النوعية المهمة من القوانين بسبب ضعف أداة التشريع وانشغالها بالصراع السياسي...فنرى العكس من ذلك وجود تشريعات معطلة ، اي ليست وسيلة للحل كما تقتضي طبيعة التشريع وانما سرعان ما تصبح جزء من المشكلة كما هو الحال في بعض المواد الدستورية والنظام الداخلي لمجلس الوزراء الذي حدد المهام التي لاتدخل في حكومة تصريف الاعمال واهمها مشروع قانون الموازنة السنوية مما يتناقض مع فكرة تصريف الاعمال...أي كيف يكون تصريف الاعمال وعدم تعطيل مرافق الدولة واشباع الحاجات العامة للناس دون موازنة سنوية ...