أجواء الدراسة وتحوّلات السياسة الأميركية مع إيران

قضايا عربية ودولية 2019/03/23
...

جواد علي كسار
 
 
لم يكن قد حصل على البكالوريوس بعد، حين انتصرت الثورة الإسلامية، وسقطت سفارة بلده وقنصلياتها المتعددة في أمريكا، بيد أعضاء الاتحاد الإسلامي للطلبة الإيرانيين في أمريكا. ففي زمن الشاه (ت: 1980م) كان لإيران سفارة في واشنطن، مع قنصليات في نيويورك وسان فرانسيسكو وشيكاغو وهوستن وواشنطن نفسها، تحظى بأجمعها برعاية خاصة، تبعاً للعلاقة الاستثنائية بين نظام الشاه والولايات المتحدة، في ظلّ حضور هو الأكثف من بقية بلدان العالم للطلبة الإيرانيين في أمريكا، تعضدهم جالية إيرانية متميّزة ثقافياً وإعلامياً وأكاديمياً واقتصادياً، مع نظرة أمريكية ترفع من شأن الإيرانيين وتعدّهم أكثر تمدناً من العرب.
ظلت هذه الصورة هي السائدة حتى شباط 1979م، لكن ما لبثت أن انقلبت لتحلّ محلها صورة معكوسة بالكامل، وسط علاقة مركبة شائكة ومعقدة بين الطرفين، عاصر محمد جواد ظريف تحوّلاتها، وهو يروي البارز من فصولها في هذا الجزء من الحوار، مع وقائع دالة في المشهد السياسي الإيراني.
قرار يزدي
تسلم عدد من أعضاء الاتحاد الإسلامي ملف إدارة القنصلية الإيرانية في سان فرانسيسكو، من بينهم محسن نور بخش، مجتبى محزون، حسين شيخ الإسلام. بيد أن ذلك لم يرق لإبراهيم يزدي أول وزير خارجية في عهد الثورة، للخلاف القائم بين حلقة بركلي التي وضع لبناتها التأسيسية مصطفى جمران (1932ـ 1981م) وحلقة تكساس بمحورية إبراهيم يزدي (1931ـ 2017م). يقول ظريف: مع إنني أكنّ الاحترام للدكتور يزدي، إلا أنه لم يكن يميل إلى حلقة بركلي التي أنتمي إليها، لذلك بادر من فوره إلى إرسال علي خرّم عضو اتحاد الطلبة في شيكاغو، لكي يكون قنصلا جديداً، ساعده في ذلك أن أول حكومة بعد الانتصار؛ وهي الحكومة المؤقتة كانت بقيادة حركة الحرية (نهضت آزادي) وتدار تحت إشراف قياداتها ورجالها، ومنهم يزدي نفسه.
يُنبّه ظريف على أن الاتحاد الإسلامي لطلبة إيران في أمريكا وكندا، لم يكن هيناً، ولا يزال كذلك. فهذا الاتحاد كان ولا يزال يمارس نشاطاته على نحو سرّي، من دون أن يعرف أحد أعضاء الاتحاد ومؤيديه غير المنتمين إليه، وإن كان الاشتراك في جلساته مفتوحاً للجميع. على خلفية الخلاف الموجود بين فرعي الاتحاد في سان فرانسيسكو وشيكاغو، لم يسمح أعضاء بركلي لعلي خرّم النفوذ إلى فرع الاتحاد في سان فرانسيسكو، إلى أن تمت تسوية الأمر على حلّ تمّ بمقتضاه إشراك القنصل الجديد بفرع الاتحاد، بشرط حضور ثلاثة من أعضاء حلقة بركلي إلى جوار خرّم في القنصلية، لضمان عدم انحراف القنصلية عن خطّ الثورة، وهذا ما كان.
يذكر ظريف أنه أصبح أحد الثلاثة الذين وقع عليهم الاختيار، بالإضافة إلى مهرداد باقري وعلي كريم دلاور، مع أنه لم يبلغ بعد سن التاسعة عشرة، ولم يتخرج من الجامعة، ولأنه كان يتحدث الإنكليزية على نحو جيد، فقد وقع عليه الاختيار مسؤولا للعلاقات العامة في القنصلية، وكان العمل تطوعيا من دون أجور. 
 
انقلاب الموقف
كان كل شيء قد تغير بعد صبيحة 4 تشرين الثاني 1979م، حين استيقظ العالم على خبر احتلال السفارة الأمريكية في طهران، فقد أصبح وضع الجالية الإيرانية صعباً في أمريكا، خاصة بعد أن بادر الرئيس جيمي كارتر إلى إبطال تأشيرات الإيرانيين جميعاً، بما في ذلك تأشيرة السنوات الأربع التي كان يحملها ظريف في جوازه، ما كان يعني أن على كلّ إيراني يريد البقاء في أمريكا، مراجعة دائرة الهجرة، لكي يثبت موقفه وفيما إذا كان طالباً أو مشغولا بعمل محدّد. أرخى واقع الأزمة بتبعاته السلبية على الجالية الإيرانية، بالأخص العوائل ذات الدخل المتوسط والمنخفض، وقد كان بعضهم يرسل الأموال لإعانة عائلته في إيران، كما كانت له تأثيراته الضارّة في الطلبة الإيرانيين، لاسيّما وأن عدداً محدوداً جداً من بينهم، كان يدرس على حسابه الخاص، من بينهم محمد جواد ظريف الذي كرّر هذا المعنى في كتابه مرّات عديدة.طالت الإجراءات الأمريكية الجهاز الدبلوماسي الإيراني، فعلى إثر تداعيات الأزمة قطعت واشنطن العلاقات مع إيران، وأخرجت دبلوماسييها من الأراضي الأمريكية خلال ثمانٍ وأربعين ساعة فقط. لم يكن أمام قنصل سان فرانسيسكو على خرّم، إلا أن يُحيل مسؤولياته العملية (وليس الرسمية إذ أصبح بلا صفة) في القنصلية إلى محمد جواد ظريف، ويوكل إليه تسديد أجور الموظفين وتصفية مقر القنصلية، وأيضاً رعاية شؤون البناية الجذابة والجميلة جداً، التي كان الشاه قد اشتراها وتحوّلت إلى مقرّ إقامة  في سان فرانسيسكو، وقد فعل القنصل خرّم ذلك كلّه من خلال وكالة مكتوبة، فوّض فيها إلى ظريف تنفيذ هذه الأمور. 
 
الزوجة المحظوظة! 
اتصل ظريف في صيف 1980م بوالدته في طهران، وأخبرها برغبته في الزواج. زار إيران فعلاً وتمّ زواجه من شقيقة صديقة أخته المقيمة في أصفهان، وقد كانت فتاة متدينة وثورية. ثمّ غادر إلى أمريكا، وكانت مشكلة زوجته ذات السابعة عشرة، أنها لا تملك بعد جواز سفر، وأمامها مهمة الحصول على تأشيرة أمريكا. كان ظريف لا يزال يمضي حياته عازباً في أمريكا يعيش مع مجموعة من أصدقائه، من بين نشاطاتهم تلقي دروس في تفسير القرآن ومبادئ التعاليم الدينية؛ حين كتب رسالة إلى زوجته يحثها إتمام الإجراءات لسفرها والالتحاق به. أمام إصراره راجعت زوجته القنصلية الأمريكية بطهران، وسجّلت اسمها للحصول على تأشيرة، حيث كان دورها (1000) ومن ثمّ لن تحصل على «الفيزا» قبل أقلّ من سنتين!
عرف ظريف أن السفارة الأمريكية في الدانمارك، تمنح التأشيرة بسهولة. ولما كانت أكثر الدول الأوربية يومذاك تسمح بدخول الإيرانيين إليها من دون حاجة إلى تأشيرة، فقد طلب من زوجته أن تلتحق به إلى الدانمارك، حيث حصل على التأشيرة لها، بمدّة يوم واحد فقط، ثمّ عادا معاً إلى سان فرانسيسكو. حصل هذا قبل ثلاثة أسابيع فقط من احتلال السفارة الأمريكية بطهران، وقد خدمته هذه المصادفة كثيراً؛ ففي الوقت الذي كانت فيه الشرطة الأمريكية تُلقي القبض على الإيرانيين في أمريكا فتُبطل تأشيراتهم، وتحولهم إلى دائرة الهجرة لتصحيح أوضاع إقامتهم أو طردهم، كان ظريف وزوجته بمأمنٍ من ذلك كله، فقد كان مرتبطاً بالدراسة الجامعية، كما كانت زوجته قد التحقت بالدراسة الثانوية.
على هذا الأساس اختاره القنصل علي خرّم لإدارة القنصلية عملياً، وتصفية أمورها ورعاية ملفات الإيرانيين، خاصة وأن الكلام عن الجالية الإيرانية يعني الحديث عن قرابة مليون إيراني هناك، بل ثمة من يتحدث عن أرقام أكبر. عبر الوكالة الممنوحة له أنهى ظريف ما يتعلق بالقنصلية وموظفيها وملفات الطلبة والبناية التابعة لإيران، قبل أن تقوم السلطات الأمريكية بالختم على ممتلكات إيران بالشمع الأحمر، بعد تدوين مضبطة بها، أسوة ببقية المقارّ الإيرانية  في الولايات المتحدة، ما يعني انتهاء الدور العملي لظريف في هذه المهمة، حيث لم تبق لإيران نافذة في أمريكا، سوى ممثليتها في الأمم المتحدة.
 
هذه الواقعة!
كان في طريق عودته إلى البيت، من القنصلية الإيرانية التي تقع في برج من أبراج سان فرانسيسكو المعروفة، حين لاحظ فجأة أن اثنين قد دخلا من خلف سيارته، وهما يحملان الهراوات والعصيّ الغليظة، على أهبة الاستعداد للهجوم عليه، فلم يوقف سيارته في المرآب، وانتقل على عجل إلى أقرب هاتف عمومي، حيث طلب من زوجته أن تُحكم غلق الباب وتضع شيئاً ثقيلاً خلفه، لكي لا يتمكن المهاجمان من اقتحام السكن، ثمّ استدعى مجموعة من الأصدقاء، وذهبوا لاستنقاذ زوجته وإخراجها من المنزل. بعد مشاورة وتداول انتهى ومجموعته، إلى قرار السكن على نحو جماعي وسرّي، حيث تجمّعت النساء في بيت باقري، وسكن الرجال في بيت السيد حسيني، وبهذا الإجراء الاحترازي انفصل ظريف عن زوجته، ولأنها كانت بحسرة رؤية عائلتها في إيران، فقد أصيبت بالكآبة.
حين انتهى من مهامه كقنصل غير رسمي في تصفية أمور القنصلية، واستعمل عدداً من المحامين في تسوية ملفات الطلبة الإيرانيين، انصرف إلى الدراسة الجامعية خاصة بعد أن أعلن كارتر قطع العلاقات الدبلوماسية كاملاً مع إيران خريف 1980م، وبقي المجال الوحيد المفتوح أمامه في ممارسة نشاطه غير الدراسي، هو الاتحاد الإسلامي.
 
الاتحاد الإسلامي
قد يظن البعض ممن لا يعرف خفايا الحياة السياسية في إيران، أن الاتحاد الإسلامي لطلبة وخريجي إيران في الخارج، هو مجرّد هيكل بسيط لتجميع الطلبة والخريجين واستقطابهم إلى النشاط العام، ومنه النشاط السياسي المعارض للنظام في زمن الشاه. والأمر ليس كذلك قطعاً، فهذا الاتحاد يحتاج إلى ملف مستقل، بحكم الدور الذي لعبه خارج إيران زمن الشاه، وفي النظام السياسي بعد سقوطه. على سبيل المثال، إن أسماء من قبيل بني صدر وقطب زاده وإبراهيم يزدي ونور بخش ومصطفى جمران ونوبري وجواد لاريجاني ومحمد هاشمي وسعيد إمامي وغيرهم بالعشرات، ممن لعب أدوارا مهمة في الحياة السياسية الإيرانية بعد سقوط الشاه، كانوا أعضاءً في هذا التنظيم.
لفروع هذا الاتحاد هياكل تنظيمية علنية وسرية، وله بؤر مؤثرة وقيادات عميقة غير القيادات العلنية، وفي داخله محاور واستقطابات تعكس تأثيراً لرجال الدين وخطوطهم وأجنحتهم، في هذا الأطار الهيكلي الطالبي. كما أن دوره لم ينته بانتهاء نظام الشاه، فلا تزال تنظيماته قائمة، وإن لم تكن بذلك التأثير الذي كانت عليه في الماضي، خاصة مع النموّ الكبير والتأثير العميق للاتحادات الطلابية داخل إيران نفسها.
بدأت قصة ظريف مع حلقات هذا التنظيم حين كان في إيران على أهبة المغادرة إلى أمريكا، فقد زوّده اساتذته بهواتف بعض أعضاء الاتحاد، بيد أن والدته التقطت هذه الإشارة من خلال حسها العرفي البسيط، فأتلفت ورقة الهواتف. يذكر ظريف أنه بقي تائهاً في أمريكا، لا يملك تحديد البوصلة، إلى أن عثر على أعضاء هذا الاتحاد، أو عثروا عليه كما يقول نصاً، وكما هو الأرجح، فالاتحاد بفاعليته التنظيمية هو من يبحث عن الجُدُد، ليلتقطهم ويضمهم إليه، وهذا ما حصل مع ظريف.
تنطوي الهيكلية التنظيمية لهذا الاتحاد على وجود خمس سكرتاريات، على رأس كلّ واحد منها سكرتيراً مسؤولاً؛ هُم السكرتير التنظيمي، وسكرتير الإعلام، والسكرتير الثقافي، وسكرتير النشر وسكرتير العلاقات. كما له عشرة أعضاء منتخبون يؤلفون مجلس الشورى الذي له حقّ الإشراف على الاتحاد، والأمناء العامّون في السكرتاريات الخمس الذين يشكلون هيئة الأمناء معهم أعضاء الشورى الذين يشكلون هيئة الشورى، يتم انتخابهم عبر اجتماع سنوي يعقده الاتحاد لهذا الغرض؛ يقول ظريف عن هذا الاتحاد نصاً: هذه المجموعة هي من جهة، مجموعة هيكلية تنظيمية تنطوي أو مفتوحة على مبدأ المشاركة، ومن جهة أخرى هي مجموعة مغلقة بالكامل. 
مُدركاته الحركية تفتحت داخل هذا الاتحاد وفي أجوائه، فبعد جولة سريعة من العمل داخل القنصلية، ركز على الدراسة الجامعية، وانفتح نشاطه على الاتحاد، فتسنّم بين 1981 - 1985م مواقع مهمّة فيه، من بينها انتخابه سكرتيراً أو أميناً إعلامياً للاتحاد الإسلامي لمنطقة أمريكا وكندا، بعد الاجتماع السنوي للاتحاد في لويس ميسوري. كما شغل رئاسة شورى الاتحاد لسنتين، وأميناً عاماً للشؤون التنظيمية لسنة أخرى.
 
أجواء الدراسة 
أنهى البكالوريوس سريعاً، لكن بدرجات عادية، بحكم الأوضاع المرافقة لتلك السنوات من انتصار الثورة وما تبعها. سجّل على الماجستير في جامعتي كولومبيا بنيويورك، وجامعة دنور في كلرادو، وقُبل بكليهما، لكنه فضل نيويورك. يذكر ظريف في ملاحظة دقيقة ومهمّة جداً، أن أغلب طلاب الدراسات العليا من الإيرانيين، يكتبون أطاريح فيها معلومات عن إيران، أما هو فقد أراد لأطروحته أن تكون لإيران ومصالحها الوطنية، وليس حول إيران. لذلك كانت رسالته للماجستير تدور حيال «العقوبات في العلاقات الدولية»، وفي الدكتوراه كانت رسالته قد تناولت «الدفاع المشروع من وجهة نظر القوانين الدولية» وقد أراد لكليهما أن يكونا بخدمة بلده إيران، ولمساعدته في تعزيز موقفه وتخطّي أزماته، كما يقول.
بصرف النظر عن مدى ما قدّمه لبلده، بودي أن أجدّد التركيز على أهمية ملاحظته، وأن لا يتحوّل طلبة الدراسات العليا إلى عيون للآخرين على بلادهم، سواء ارتبط الأمر بالعراق أو بغيره. على سبيل المثال يذكر ظريف، كيف أن أمريكا فرضت عليه من خلال المنهج الدراسي، وحدتين لدراسة تأريخ أمريكا، مع وحدتين أخريين للعلوم الاجتماعية بالإضافة إلى اللغة الإنكليزية، وذلك كشرط لمنحه شهادة الإعدادية، وقبوله بعد ذلك في الجامعة.
كانطباع شخصيّ يُسجّل مشقة الحصول على الدكتوراه في أمريكا، ففي مقابل اليُسر النسبي للحصول على البكالوريوس والماجستير، تُعدّ أمريكا بنظره أصعب بلد في منح الدكتوراه. من بين هذه المشاقّ الدروس التي تفرضها، قبل أن يتفرّغ الطالب لتدوين رسالته، وعلى ذكر الرسالة فقد استغرقت كتابتها بالنسبة إليه ثلاث سنوات، ولم يحصل على الدرجة إلا سنة 1988م. لذلك إذا كان الإنسانُ عاقلا فيما يقول ظريف، فعليه أن يحصل على البكالوريوس والماجستير من أمريكا، ثمّ يذهب إلى بريطانيا لينال الدكتوراه، خاصة وأن من الصعوبات الأخر في أمريكا، هي الامتحان العام الذي يُفرض على طالب الدكتوراه. أضف إلى ذلك الأجور العالية، حيث دفع إلى جامعته (12) ألف دولار سنوياً، في حين تبلغ الكلفة الآن (40) ألف دولار سنوياً للحصول على الدكتوراه من جامعة كولومبيا!
في هذا الأفق يميّز ظريف بين الشهادة والدراسة، إذ ينبغي أن ينصبّ الجهد على الدراسة لا على الشهادة، حيث يذكر الجهود التي بذلها في الدراسات العليا والدراسة الجامعية، والكتب التي قرأها والبحوث التي راجعها، لكنه حين جاء إلى أرض الواقع وجد المسافة شاسعة بين ما قرأه في الكتب وبين مجريات العالم الواقعي، ما يتطلب جهوداً حثيثة من الإنسان، كي يُكيّف بين الدراسة وعوالم النظرية وبين الواقع، وهذه مهمّة عسيرة ليس من السهل صناعة معادلتها 
بسهولة.
 
رايس زميلة الدراسة!
أجل، يقصد بها كوندليزا رايس مستشارة الأمن القومي في الإدارة الأولى لجورج بوش الإبن (2000ـ 2004م) ثمّ وزيرة الخارجية في الإدارة الثانية (2004ـ 2009م) المختصة بالشؤون الروسية، وواحدة من أهمّ شخصيات المطبخ السياسي ومنظري اليمين الأمريكي المحافظ، وصاحبة نظرية الفوضى الخلّاقة؛ يذكر ظريف أن هذه السيدة كانت زميلته في الدراسة، حيث كانا يدرسان الدكتوراه معاً في جامعة دنور، لكنها استطاعت أن تطوي المسافة قبله وتحصل على الدكتوراه قبله بخمس سنوات!
من طريف ما يذكره على هامش هذه العلاقة، أنه حين كان سفيراً لبعثة بلده في الأمم المتحدة، فقد كانت الضوابط الإدارية الأمريكية تفرض عليه حرية الحركة في داخل دائرة الخمس وعشرين ميلاً (40 كم) في نطاق مدينة نيويورك، وإذا أراد مغادرة هذا المحيط، فقد كان يحتاج إلى إذن من السلطات الأمريكية المختصة، وحين أراد يوماً مراجعة جامعة دنور التي يدرس فيها، فقد عجزت رايس عن توفير هذه الرخصة له، رغم معرفتها به وأنهما
 زميلان!
ربما كانت هذه الواقعة مصداقاً من أبرز مصاديق ما ذهب إليه ظريف نفسه، في تحديد قواعد مذهبه الدبلوماسي، وهو يقول نصاً: ينبغي أن تكون واقعياً في الدبلوماسية، فلا صديق في الدبلوماسية؛ وفي المقابل ينبغي أن تتظاهر أمام الجميع
 بالصداقة!.