امتلاء السجون وحلول الدولة

آراء 2022/05/24
...

  علي لفتة سعيد
 
تتناقل الأخبار تصريحات لمسؤولين في وزارة الداخلية من أن عدد الذين تم إلقاء القبض عليهم في تجارة المخدرات فقط يصل إلى أكثر من 15 ألف تاجر خلال هذا العام فقط، وإذا ما أضفنا لهم الملقى القبض عليهم من جرائم أخرى مثل الارهاب والقتل والدكات العشائرية والسرقة والفساد بمختلف أنواعها وغيرها من الجرائم، فإن العدد سيتضاعف بكلّ تأكيد وربما يصل لأرقام مخيفة بين سجون أو موقوف أو محكوم عليهم، وبحساب بسيط بعد تصريحات لعضو مفوضية حقوق الانسان في العراق في تموز من العام الماضي والذي وصل فيه عدد الموقوفين والمحكومين في مواقف الاحتجاز وسجون دائرة الاصلاح في العراق أكثر 76 الف شخص، منهم 49 ألف محكوم، و٣ آلاف امرأة، فضلاً عن 2000 حدث، فإن ما ذكرناه من رقم ربما يكون أقل من المتوقع, في ظلّ بقاء عدد أقسام الإصلاح ربما على حالها، والتي تصل إلى 15 قسم إصلاح تابع لوزارة العدل في بغداد وباقي المحافظات، إضافة إلى 13 موقفا تابعا لوزارة الدفاع و14 موقفا في بغداد كمراكز احتجاز. وهو ربما لا يكفي لعدد الموقفين الذين يزدادون بشكل يومي، وبعدد مخيف، حتى لا تكاد مواقع الكترونية وفضائية تنشر عمليات إلقاء القبض على مختلف الجرائم ولا يكاد يمرّ يومٌ واحد دون نشر هكذا أخبار.
إن امتلاء السجون يكلّف الدولة مبالغ طائلة جدا، إضافة إلى اكتظاظ الأعداد التي تتزايد بشكلٍ مفرط، والتي ستدعو الحاجة إلى بناء سجون إضافية، وفق مواصفات تحقّق مراد منظمات حقوق الإنسان العالمية، وهو الأمر الذي سيزيد من أعباء الدولة، التي بدلّا من أن تتوجّه لبناء مدارس ومراكز صحية وحتى سدود للحفاظ على الثروة المائية من الهدر والعراق بأمس الحاجة لها، فإنها مرغمة لتخصيص أموال من أجل إطعام عشرات الآلاف من المحكومين والموقفين، مثلما تكتظ السجون بقضايا النزاعات الوقتية في مراكز الحجز والتسفيرات وغيرها من الأماكن، وهو ما يجعل الأمر صعبا جدا ويكون من الواجب تقديم الحلول التي تخفّف من أعباء الدولة، فضلا عن عكس المعادلة التي تؤدّي إلى استفادة الدولة بدلّا من إيقاع المضرّة بها، وليس من بينها إصدار العفو العام، من خلال تحديد المحكومين وفق القضايا التي تمّ فيها اعتقالهم من حيث قوّة الجريمة وقوة إيقاع الأذية بالمجتمع والدولة. 
1 - معتقلو الارهاب والخيانة والتجسس والعمالة، المحكمون بالإعدام الذين لا يمكن شمولهم بأي قرار للعفو على أن يتم إكمال التحقيقات القضائية بحقّهم بأسرع وقت، ممن تثبت إدانتهم قطعيا، ويمكن للأحكام خارج الإعدام وخاصة عقوبة السجن مدى الحياة بإصدار قرار بدفع مبالغ مضاعفة، من أجل تخفيف الأحكام بما يعادل بقاءهم مدة لا تقل عن 15 عاما في السجن.
2 - ذات الأمر ينطبق على تجّار المخدرات واجراء عقوبة الإعدام بحق العصابات الكبيرة وعدم شمولهم بقترح التعويضات.. أما من الذين صدرت بحقهم أحكاما تزيد على 15 عاما، فيمكن مقايضة الأحكام بالأموال طوال فنترة السجن بمضاعفته إلى أربعة اضعاف، حتى يتم اطلاق سراحه بعد قضائه فترة لا تثقل عن 15 عاما. والذين أقلَّ من هذه العقوبة تتم مضاعفة المبلغ إلى الضعفين.
3 - للجرائم الأخرى، كجرائم القتل العمد والمعارك العشائرية يمكن وضع جدول بالأموال التي يتم صرفها على المحكوم وحسابها السنوي، والمطالبة بإطلاق السراح المشروط لقاء دفع المبلغ على أن يكون مضاعفا.
 4- جرائم حوادث السيارات والقتل غير العمد والسرقات البسيطة وما يشابه لها بما فيها جرائم غسل العار، أن يتم الحصول على الدفع النقدي بما يعادل الاعتقال السنوي دون مضاعفة المبلغ.
5 - جرائم الفساد التي تقسم إلى قسمين، الأول جرائم الرشوة، والتي يمكن دفع بدل نقدي مضاعف ثلاث مرات.. والثاني جرائم الاختلاس والسرقات الحكومية الكبيرة يمكن مضاعفتها إلى ست مرات بحسب الاعتقال السنوي، فضلا إعادة الأموال المختلسة.
بمعنى أن معادلة الأحكام غير الإعدام وجرائم الإرهاب والتجسّس وهو ما يعود بالفائدة للدولة والمحكوم الذي عليه، أما عقوبة في السجن لكي يدرك صعوبتها ومن ثم التخفيف على كاهل وزارتي العدل والداخلية واستغلال الأموال لتطوير الأداء الحكومي في هاتين الوزارتين، إضافة إلى ضرورة إصدار قرار بأن من يعود لارتكاب الجريمة مرّة أخرى تكون عاملا مساعدا للقضاء لإصدار عقوبة الإعدام لتكون 
رادعا قويا.