بغداد جبرا.. بغداد الكاظمي

آراء 2022/05/25
...

  نوزاد حسن
 
ربما هي المرة الأولى التي يتحدث فيها أعلى مسؤول في الدولة العراقية عن هوية بغداد. 
كان الحديث يجري منذ سقوط النظام السابق عن المكونات، وحقوق اأقليات، وما شابه ذلك. وفي خضم هذا الحديث عن المكونات التي اقرها الدستور بقيت بغداد بلا تخطيط، بقيت بلا ملامح، او بعبارة ادق ظلت هذه المدينة العريقة بلا هوية، او طعم خاص بها. 
أظن أن الحديث عن هوية بغداد صعب في هذه الايام. كما أن تحديد معنى الهوية لن يكون سهلا وقد يفتح بابا لنقاش سياسي طويل. 
أقرَّ ئيس الوزراء في كلمته مع الكادر المتقدم في امانة بغداد بان العاصمة مهملة مزدحمة، مليئة بالعشوائيات بحيث إنها "لا تليق بنا كمسؤولين" على حد تعبير الكاظمي. 
لنقل إن بغداد مدينة منسية تماما، وخارجة عن سياق عواصم العالم الكبرى. مدينة وحيدة معزولة مع كثير من شواهدها القديمة التي تنتشر فيها. 
بغداد الكاظمي تختلف عن بغداد جبرا. ولا أظن أن رئيس الوزراء قرأ ما كتبه هذا الفلسطيني عن بغداد، وهو المهاجر في أرض الله. 
وجد العاشق المقدسي في العاصمة بديلا عن القدس التي غادرها مرغما. ووجد ذاته هنا. 
اعتقد جبرا في لحظة تخيل غير عادية بأن هذه المدينة ستكون واحدة من أجمل عواصم العالم. سيكون فيها كل ما يمكن أن يشكل مدينة عصرية متألقة كأية عاصمة غربية. 
بغداد جبرا تختلف عن هذه المدينة الاسمنتية التي لم تعد تحمل نكهة خاصة بها. وبمرور الوقت ستختفي أجمل معالمها المعمارية، بسبب توسعة غير مدروسة او صيانة تهدم جمال بناية تحمل لمسة فنية. لا يجوز اغتيل مبنى صممه قحطان عوني مثلا بلا مبالاة. 
كنت أتمنى لو أشار الكاظمي إلى هذا الامر. اغتيال ما تبقى من تحف معمارية هنا وهناك. واذا كان لا بدّ من معالجة اثار الزمن، فلا بد أن يتم ذلك الامر عن طريق لجنة مختصة من معماريين يعرفون قيمة ما تمثله الابنية التي تعطي لبغداد خصوصيتها. 
لم يتحقق حلم جبرا، وجاء الكاظمي فتحدث عن مدينة غارقة بالفوضى، ولم تعد ترتبط بماضيها الغني الرائع. 
لرومانسيتي سأقول: إذا أحبَّ شخص بغداد فسيقاتل لكي تعود من جديد. وياله من شرط صعب.