إنّا لله

الصفحة الاخيرة 2022/05/25
...

حسن العاني
مع كل يوم جديد تطل علينا الفضائيات بخبر عن إنجاز عشرات المشاريع، أو وضع حجر الأساس لمئات المشاريع، وهذا موضع سعادة للمواطن، لأنه يوفر فرص عمل للعاطلين ويحل أزمة السكن وينهض بالخدمات.. غير أن الشهور تمضي والأعوام تنصرم، والبلد الذي 
خربته الحروب وأنهكته الدكتاتوريات وصراع المصالح، على ماهو عليه، فنحن أرضُ السواد والعلماء والحضارة، ما زلنا نستورد كل شيء حتى الموطا والجزر والجاجيك وأقلام الحمرة، وندفع كل سنة ملايين الدولارات 
ومليارات الدنانير على استيرادنا ولا نقبض درهماً 
واحداً من صادراتنا، لأنه - باستثناء النفط - ليس لدينا ما نصدره إلى الخارج غير (الشفافية والديمقراطية) 
التي لا يسأل عنها أحد خارج العراق، ولذلك تبقى 
بضاعتنا (نائمة) في مخازننا المبردة.
غريب هذا المرض الذي أصاب العراق، هل هو جرثومي نعالجه بالمضادات؟ نفسي ونحيله إلى مستشفى الأمراض النفسية؟ هل أصابتنا عين حسودٍ لم يصلِ على النبي فتقرأ المعوذتين؟! حقاً لا أحد يعرف العلة، ظاهر أمرنا يقول إننا بخير وعافية، لا نعاني من الزهايمر ولا انفلونزا البط ولا حمى النساء، أما في الباطن فحالنا يرثى لها، معدمون متخلفون يوم كانت حدودنا موصدة بسبب الحصار والبند السابع، وما زلنا كذلك حتى بعد أن انتهى الحصار وأصبحنا من غير حدود!
تفسير العلة أو المرض، خضع للاجتهاد، ولذلك قال البعض: إنّ (الجنّ) الخبيث الطالح استقر في رؤوسنا وأجسامنا، وطاب له الاستقرار، ولا سبيل إلى الخلاص منه وطرده إلا (بالعين الحمراء والعصا الغليظة والضرب المبرح) ما أهون هذا الحل وما أبسطه وأيسره، خاصة ونحن شعب اعتاد منذ خمسين سنة على (العين والعصا والضرب)، حتى بات اليوم الذي يمر علينا من دون أن تمسه واحدة من هذه الثلاثة يعدُّ غريباً علينا، ولكن المشكلة كما يبدو أن العين الحمراء انطفأ لهيبها وغيرتْ لونها وأصبحت بيضاء، وعصانا الغليظة انكسرت فلم تعد صالحة للضرب، وربما.. نعم ربما 
لهذا السبب لم يغادر الجن الطالح مكانه، ولا نملك إلا أن نردد قول الذين إذا أصابتهم مصيبة: إنا لله وإنا اليه راجعون.