الضَّرْبُ من تحت الطاولة

آراء 2022/05/27
...

 عصام كاظم جري 
أصدر مجلس القضاء الأعلى قراراً حدد به  “الدگة العشائرية” عملا إرهابيّا وفق قانون مكافحة الإرهاب، وينص القانون بأن التهديد الذي يهدف إلى زرع الرعب بين المواطنين مهما كانت بواعثه يعد من الأفعال الإرهابيّة، وأصبحت هذه الأفعال ضمن الجرائم المشهودة، وللقوات الأمنية حق إلقاء القبض مباشرة على كل من شارك في عمل الدگة العشائرية.
 
ولكن بعد تفعيل هذا القرار لم نشهد انحسارا في أعمال الدگة العشائرية والتي نحن في صددها هنا، ويخطئ من يظن بأن القضاء العراقي فتح باب النهاية لأخطر الأعراف العشائرية التي تُشكّل تهديداً لأمن 
المواطنين.
وبعد أن جعل القضاء العراقيّ الدگة العشائريّة عملا إرهابيّا بموجب قانون مكافحة الإرهاب، أخذت الدگة العشائريّة منحى خطيرا فقد شاعت بالفترة الاخيرة ظاهرة جديدة لاسيما بعد اقرار القرار وتفعيله، حيث ظهرت جماعات بزي عشائريّ، ولا أقول شخصيات عشائريّة تعمل هذه الجماعات على استغلال القانون لمصالحها، وذلك بالنيل من الخصم البريء ورميه بالسجن، عن طريق قيامهم (بدگ)بيوتهم بالرصاص أو بالعبوات الناسفة محلية الصنع (البمبة)، وتتقدّم هذه الجماعات بشكاوى ضد الطرف الآخر بحجة قيامه بهذا الفعل، وتعمل هذه الجماعات أيضا بتهيئة شهود الزور مسبقا لاستغفال القانون والتشويش عليه، إن هذه الجماعات تتاجر وتتسلم أموالا مقابل قيامهم بالدگة عشائريّة الكيديّة على (بيوتهم وأسرهم) وذلك لغايات معروفة، منها وسيلة ضغط للتنازل عن التهمة الموجهة ضدهم، ووسيلة للتسوية أيضا، فضلا عن أشعار الطرف الآخر بان الأعمال العدائيّة الكيديّة باقية ومستمرة. 
وبلا أدنى شك أن هذه الأفعال تربك عمل القضاء، لذا على العناصر الأمنية تحديدا أن تؤدي دورها وواجبها بدقة متناهية في البحث والتقصي لضبط  تصرفات هؤلاء، ولمعرفة حيثيات القضايا عن قرب والوقوف على الحقيقة، بغية قطع الطريق على أولئك الإرهابيين بالزي العشائري، وبالتاكيد أن هذه الأفعال تؤدي إلى مضاعفة المشكلات التي تهدد السلم المجتمعي والأهلي. 
ولا أحد يقف ضد إجراءات الحكومة التي تصب أولا وأخيرا في مصلحة المواطنين من خلال القبض على المجرمين أصحاب الدگات العشائرية، بل الجميع  يسعى إلى فرض أقصى العقوبات بحقهم، ونقف إجلالا للقضاء العراقي لبسط نفوذه وحماية السّلم الأهلي من هؤلاء، ولكن التهم الكيديّة التي ظهرت في الآونة الاخيرة تثير القلق.
ونودُّ من القضاء العراقيّ والأمن الوطنيّ والاستخبارات العامة ونقابة المحامين وديوان العشائر، الانتباه لهذه الحالة قبل أن تستفحل في نسيج المجتمع وتصبح ظاهرة سيئة. 
إن قرار إرهاب الدگة العشائريّة يعطى للأجهزة الأمنية القوة الكافية لفرض القانون على الجميع ويبعدهم من كل الضغوطات، التي تقع عليهم من بعض الدخلاء على العشائر الأصيلة، وكذلك نال هذا القرار تأييد أغلب عشائر العراق العريقة، حيث يعد الخطوة الجادة في طريق تعديل وتشذيب العادات العشائريّة وتوجيهها نحو الأفضل. 
نحن على يقين تام بأن العشائر العراقيّة الأصيلة لا علاقة لها بهذه الأعمال الإرهابية، وقد عُرفتْ عشائرنا بالالتزام وحماية تقاليدها وعادتها القديمة، ولا ننسى دعم المرجعية العليا في النجف الأشرف، حيث أعلنت تأييدها لقرار مجلس القضاء الأعلى ضد ما يسمى بـالدگة العشائريّة ونعتتها بالعرف السيئ، وهي واحدة من الأعمال التي تثير الفزع في نفوس المواطنين، وبضمنها كذلك الكتابة على جدران وأبواب المنازل بعبارات التهديد
 والوعيد.