حراك واشنطن شرقاً وغرباً..تمويهٌ أم تهرب؟

آراء 2022/05/29
...

 وليد خالد الزيدي
 
يبدو أن وجهة السياسة الاميركية الخارجية تغيرت بشكل ملحوظ وغير مسبوق من لاعب فاعل في الازمة بين روسيا واوكرانيا إلى حراك محموم نحو مناطق متعددة من العالم، بصورة تثير تساؤلات عدة لدى متابعي الاطر العامة لمسار تلك السياسة.
لو عدنا إلى حراك واشنطن هذه الايام لوجدنا أنه أخذ طابعا مكوكيا انفعاليا غير مدروس النتائج، فمن توجهاتها المفاجأة نحو الغرب لتحديث قاعدة”تولي”العسكرية شمال غرينلاند (الارض الخضراء), الواقعة بين القطب الشمالي والمحيط الاطلسي, وتتدار باتفاق ثلاثي بين أميركا والدانمارك وغرينلاند, حيث تهتم واشنطن بتطويرها بعد تهالك بنيتها التحتية (على حد زعمها)، فخصصت لها مليارات الدولارات, والغريب أن حكومة غرينلاند والبرلمان الدنماركي لا يعرفان بالضبط مم تتكون عملية التحديث المخطط لها, كما لم تناقش مطلقا في لجنتي الدفاع والشؤون الخارجية الغرينلندية البرلمانيتين اللتين قالتا “إن بلادنا لا تريد ان تكون اخر من يعلم عندما يتعلق الأمر بنا وإن(القاعدة) تقع في ارضنا، وبالتالي نريد معرفة ما يحدث هنا”.
وحقيقة الامر تدل على أن حراك واشنطن غيرمقبول واتخذ بعجالة, حيث يفترض من الجانب الأميركي وفق الاتفاقية التشاور مع السلطات الدنماركية والغرينلندية وإخبارهما بكل تغييرات جدية بخططها العسكرية في تلك الجزيرة.
 كما ذهبت أميركا إلى الشرق, مدّعية استعدادها للدفاع عن جزيرة تايوان ضد اي غزو صيني على حد قول رئيسها جو بايدن “إن بلادنا مستعدة للدفاع عن الجزيرة عسكريا في وجه أي غزو صيني”, قبل أن ترد الصين بقولها “أميركا تلعب بالنار, وعليها توخي الحذر في تصريحاتها بشأن تايوان”, فالإجراء الأميركي يبدو في نظر العالم ملء الفراغ, الذي سببه ضعف الموقف الغربي بزعامة أميركا اتجاه الحرب بين روسيا واوكرانيا. وهناك رأي آخر يشير إلى أنها تسعى لاستخدام ورقة تايوان لاحتواء التأييد الصيني المبطن لروسيا في تلك الحرب.
وتوجه آخر كاد العالم أن ينساه وهو العداء الأميركي لكوريا لشمالية ورئيسها, أثناء لقاء بايدن رئيس واعضاء مجموعة هيونداي موتور الكورية الجنوبية, حيث سأله الصحفيون عما إذا كان لديه رسالة لرئيس كوريا الشمالية كيم جونغ, فرد”هذا كل شيء, ونقطة في نهاية السطر”.
واستبعدت الخارجية الأميركية امكانية واشنطن انهاء الحرب في اوكرانيا, وأعلنت أن أمر الحرب متروك لحكومة أوكرانيا، التي تمثل شعبها لتقرر متى
تنتهي.
وترجم مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق هنري كيسنجر خلال منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا مؤخراً المواقف الاخيرة لبلاده قائلا “إن تأمين وضع محايد لأوكرانيا وتحويلها إلى جسر بين روسيا وأوروبا هو الهدف الرئيسي حاليا”, داعيا أوكرانيا لتقديم تنازلات إقليمية لروسيا. 
يبدو في تلك التوجهات أن جو بايدن يسعى مجتهدا لانقاذ سفينة بلاده قبل أن تصل إلى القاع, فجسد اميركا اصبح ضعيفا وهزيلا, يسترشد بتقلبه المزاجي وسرعة الانفعال ومرتبط بضعف الأمن المالي والركود التضخمي والفساد المؤسساتي.