كفى مكابرة فارغة

آراء 2022/05/31
...

 سالم مشكور
تحدث تقرير البنك الدولي عن جزء بسيط من الحقيقة، فثارت حميّة البعض واستغرب من تقييم هذا البنك لواقعنا التعليمي الراقي، الذي لا يضاهيه واقع تعليمي حتى في السويد. إنه الكبرياء الفارغ الذي يحول دون تحسين أوضاعنا، دون أن نغفل عوامل العرقلة الأخرى وهي كثيرة.
البنك الدولي قال إن 90 بالمئة من تلاميذ التعليم الأولي في العراق لا يدركون ما يقرؤون. 
هل كذب معدّو التقرير وافتروا علينا بما ليس عندنا؟. 
وبناء على هذا التقرير يخصص البنك الدولي 10 ملايين دولار لدعم تطوير نظامنا التعليمي، بينما عائداتنا من بيع النفط تبلغ 10 مليارات دولار شهرياً.. يا للعار. 
قطاع التعليم، كما باقي القطاعات يعاني تدهوراً كبيراً.
ربما هو أساس التدهور في القطاع الصحي والإداري وحتى السياسي بسبب ضعف الوعي، الناتج عن غياب التعليم الفعال، الذي يهتم ببناء الانسان بشكل متكامل. 
لا نبالغ اذا قلنا إننا نعيش أميّة مقنعة بسبب إهمال قطاع التعليم، وما لم نعترف بذلك لا يمكننا التقدم خطوة واحدة باتجاه الإصلاح التعليمي.
لا مجال للحديث عن أي تقدم ومعالجة لمشكلات البلاد دون حملة جدية لإنقاذ التعليم. المكابرة والتذرّع بالتاريخ والعمق الحضاري لن يزيدنا الّا تخلفاً.
تدهور التعليم بدأ منذ العام 1980، مع بدء دوامة الحروب العبثية وتداعياتها على كل مناحي الحياة، خصوصا في مرحلة الحصار وعزلة العراق عن العالم.
بعد 2003 جاءت المحاصصة المقيتة والفساد لتزيد من تدهور التعليم. 
باتت الوزارة المختصة كما باقي الوزارات، حصة حزب أو سياسي لا همّ له سوى عقود طباعة الكتب التي يتغير محتواها كل عام بشكل اعتباطي ولمجرد إعادة الطبع. 
كتب لا تأخذ بالاعتبار حاجات الطلاب، ومستوياتهم، رغم أن «الخبراء» يفاخرون بـ»تطوير المناهج» وهم لا يفرّقون بين المنهج والكتاب المدرسي. 
المنهج ما زال متخلّفاً يقوم على حقن المعلومات بكثافة في ذهن الطالب، بينما الانظمة التعليمية في العالم تعتمد منهج التفكير والبحث والاستدلال. طالب المتوسطة عندهم يتحدث عن مشروع بحثي، وعندنا يصل الطالب إلى الماجستير وهو لا يعرف كيف يبحث. خريج الجامعة يكتب «لاكن» و»شكرن» وشهادات الدكتوراه بلا حساب وبلا علم. 
هل تنهض بلاد بهكذا نظام تعليمي وهكذا مخرجات في ظل قاعدة ثابتة تقول إن التعليم أساس التنمية والتطور؟
دعونا نغادر المكابرة الفارغة، التي اعتدنا عليها ونعترف بوجود المشكلة، بعدها يبدأ الحل بحملة شاملة، تديرها هيئة عليا تؤسس لهذا الأمر، بعيدا عن الوزارات والمؤسسات التي ينخرها الروتين والفساد.