مبادرات

آراء 2022/06/01
...

 د.عبد الخالق حسن
 
منذ بداية الأزمة السياسية التي غرقنا بها بعد انتخاب هيأة رئاسة البرلمان، تحاول القوى السياسية الخروج من اختناقها بطرح المبادرة تلو الأخرى، حتى وصل عددها إلى إحدى عشرة مبادرة، تكررت فيها الاقتراحات التي لم تسهم في الحل، بل إن بعضها تسبب باشتداد الأزمة. تنوعت المبادرات بين جميع المتخاصمين السياسيين، ثم دخل على الخط بعض النواب المستقلين، الذين كان الرهان عليهم قويا بعد التصديق على نتائج الانتخابات، لكنهم اصطدموا بواقع سياسي تديره محركات القوى الأساسية والتقليدية. وقد يكونون هم أنفسهم مقصرين بقراءة هذا الواقع، لأنَّ بعضهم طرح أفكاراً لم تختلف كثيراً عمَّا طرحته القوى التقليدية في مبادراتها، بمعنى أن المستقلين ظلوا يفكرون من داخل صندوق القوى التقليدية وليس خارجه.
لكن هل فعلاً أن القوى التقليدية كانت تحاول من خلال مبادراتها الوصول إلى حل للأزمة، أم أنها كانت تريد إطالة أمد الأزمة للبحث عن مكاسب أكبر. لإن عامل الوقت مهم جداً في معارك التفاوض السياسي. فضلا عن هذا، فإن هناك قوى مستفيدة من هذه الحكومة ولا تريد خسارة مكاسبها. وهناك قوى ترى أن هذه الحكومة المنزوعة من الكثير من الصلاحيات، هو أفضل لها من تشكيل حكومة جديدة بمزاج سياسي لا يتناسب مع طموحاتها. لهذا فإن الأزمة مرشحة للنزول إلى الشارع على شكل احتجاجات ضاغطة. وهذا الخيار، أي النزول للشارع، برغم أنه خيار ديمقراطي مكفول، لكن مخاطره تبدو كبيرة في ظل حالة الشد بين جماهير الأحزاب بما قد يدفع، لا سمح الله، إلى صدام مجتمعي يخسر فيه الجميع.
لهذا، ومن باب الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية، أوجه من هنا دعوة إلى النخب الأكاديمية والثقافية والدينية والاجتماعية إلى تبني مبادرة شاملة للحل، تكون ملزمة لجميع القوى السياسية، على أن تأتي هذه المبادرة بتوصيات منطقية واضحة، تراعي الحالة الديمقراطية، ولا تتجاوز على السقف القانوني والدستوري. وبمدى زمني محدد لتطبيقها، لأن الشعب بالنتيجة هو المسؤول عن استمرار عمر العملية السياسية، وبقاء هذه القوى السياسية من خلال انتخابها المستمر منذ سنوات.