صيف ملتهب بانتظار اللبنانيّين

آراء 2022/06/02
...

  د.نازك بدير *
 
  بعد الانتكاسات المتتالية التي حلّت بالمواطنين الّلبنانيّين غبّ انفجار مرفأ بيروت في الرّابع من آب 2020، و"إجهاض" ثورة 17 تشرين، وتدحرُج الأزمة الاقتصاديّة التي صُنّفَت الثّالثة عالميًّا، وانهيار سعر صرْف الّليرة بشكل غير مسبوق- إذ لامس الدّولار للمرّة الأولى عتبة الأربعين ألف ليرة في الأسبوع المنصرم- ما الصّدمات الآتية مقدم الصيف، ولا سيّما أنّ بواكيرها لاحت أواخر الرّبيع مع انقطاع كليّ للكهرباء، وكذلك للمياه في مختلف المناطق اللبنانيّة، وتحكُّم" مافيا الاشتراك" بأنفاس المواطن، في وقت تدنّى الحدّ الأدنى للأجور إلى ما يقارب 22 دولارًا، وما مصير العاملين في القطاع العام الذين يشكّلون ضحيّة أساسيّة من ضحايا الانهيار الاقتصادي؟
صحيح أنّ رئيس الجمهورية وقّع مرسوم تشكيل "المجلس الوطني لسياسة الأسعار"، الذي يضمّ جميع المعنيّين من إدارات رسميّة، وجمعيّات الاتّحاد العمّالي العام التي تمثل مختلف شرائح المجتمع اللبناني، وهم يعملون معًا على وضْع سياسة للأسعار بعدما كانت هذه المسؤوليّة منوطة حصرًا بوزارة الاقتصاد من خلال مصلحة حماية المستهلك، لكن، هل ثمّة ضوابط فعليّة ستحكم عمليّة التّلاعب هذه؟ ومَن سيشكّل صمّام الأمان لمنع المزيد من تدهور الليرة اللبنانيّة؟ على سبيل المثال لا الحصر، تعدُّد أسعار سعر صرْف الدّولار
(- سعر المنصّة أو ما يعرف بسعر صيرفة، حدّدته الدّولة حوالي 24 ألفًا، - في حين قد يرتفع سعر الدّولار الواحد أو يهبط عشرة آلاف ليرة في السّوق السوداء، في غياب أيّة رقابة، انخفض سعر صرفه خلال 24 ساعة من 39000 ليرة إلى 28000 ليرة.- أمّا سعر صرف الدّولار للمودعين في البنوك فيعادل 8 آلاف ليرة). ثلاث تسعيرات للدّولار تعكس ما يعيشه المواطن من تلاعب ليس بأسعار الصّرْف فحسب، إنّما بحياته، وحقوقه، وكرامته قبل كلّ شيء.
تتكشف إفرازات البنية العميقة المهترئة للمجتمع اللبناني على السّطح، فلا يكاد يخفى على أحد التآكل الاجتماعي المتفاقم من جهة، وتعدُّد وجوه الطّبقة السياسيّة ومصالحها من جهة ثانية، وعملها الحثيث لجعل أكبر شريحة ممكنة تقبع في خانة الإرباك، وإلهاء النّاس عن متابعة الملفّات الأساسيّة، نظير التّدقيق الجنائي، واسترجاع الأموال المنهوبة، والأملاك البحريّة، واستخراج الغاز .ولعلّ من مصلحتهم تأزيم المشكلات الماليّة والاقتصاديّة لضمان بقاء العدد الأكبر من الشّعب تحت خطّ الفقر. ويبقى أنّ لكلّ قطب من الأقطاب هدفًا مِن خلْق عبيد جدد في الألفيّة الثّالثة.
 
 * كاتبة لبنانيّة