المسؤولون.. لماذا يخشون الناس؟

آراء 2022/06/05
...

 حسب الله يحيى 
 
في كل مرة أرى فيها موكباً من حراس المسؤولين، يقطعون فيها الشوارع وينشرون قوى الأمن في الساحات، ينتابني شعور بالقلق وبالسؤال معا.
القلق الذي ينتابني مصدره يكمن في سؤال: كيف يمكن أن أعمل وأنا قلق غير آمن؟ 
كيف أنام وكيف أتناول طعامي وشرابي، وكيف يهدأ لي بال وأنا أحس أنني مهدد، وأنني تحت طائلة غير مرضي عنها من قبل الناس؟ 
كيف أتعامل مع الآخرين وأنا اخشاهم، وماذا فعلت لكي أحذر من غضبهم؟
بالتأكيد هناك أسباب.. وهي غير غائبة عن أي مسؤول.. وهذه الأسباب كامنة في ضمير كل مسؤول على حسب الموقع والمسؤولية المناطة به.
ومع علمنا أن البعض يتباهى في حراسه ومرافقيه ومواكبه وحرسه، الذين يؤمنون له الحياة الآمنة؛ إلا أن هذا التباهي لا يشكل أهميته من القلق الذي ينتاب هذا المسؤول الذي يغرق بالفساد المالي والإداري، ولذلك يريد حماية لما يفعله من باطل، والا ما معنى كل هذا الهدر المالي الضخم على هذه المواكب، التي لم نشهد لها مثيلا في جميع السنوات، التي عشنا حلوها ومرها. 
ذلك أن وعينا يقودنا إلى حقيقة أن من يخدم الناس ويحكم بينهم بالحق والعدل والإنصاف، لا يمكن أن ينتابه قلق السلطة ولا المال، وإنما ينتابه قلق من نوع آخر، يتسم بمدى الفعل الذي يمارسه في ما اذا كان مستقيما، وقد يكون قد خرج عن هذه الاستقامة او مارس شططا غير مقصود او زلة أو خطأ لم يتم التروي في اتخاذ قرار بشأنه.
هذا قلق محمود ومشروع ونبيل.. لا يحتاج  إلى هذا الكم من الحياة التسترية والملفات المخفية والحراسات، التي ترهب الناس بالسلاح لا بالحكمة والموعظة الحسنة.
ومع أن بعض المسؤولين يعد نفسه، ممثلا عن الشعب، وقد أنابه هذا الشعب في انتخابات (نزيهة)؛ إلا أن هذا التمثيل لا بد أن يوازيه أمان وقبول واستحسان، لا أن تكون المقبولية على أساس أن يكون هناك، استحسان بقوة السلاح.. أليس كذلك؟.
نعم.. من يدير شؤون الناس يحتاج إلى الامان، حتى ينشر العدل والسلام والطمأنينة بينهم، فكيف إذا كان هو نفسه لا يجد في حياته الأمان المنشود لاية طبيعة بشرية؟.
إن أمن المسؤول، جزء أساس من أمن الناس، وهو من يحفظ أمنهم لا أن يخشاهم.. فالخشية مصدر كل شيء، ومصدر كل فساد بل هي إيغال في 
الباطل.
ودائما.. ودائما من يخشى الآخرين، فمن الصعب عليه أن يحفظ حياة الآخرين وأموالهم وممتلكاتهم ويدافع عن 
حقوقهم.
إنه يعيش حياة قلقة يحميها بوجاهة الحشم والخدم والحراس، لكنه لا يأمن غضب الناس، اذا ما أوقدوا مشاعل الحرية، وأقاموا لأنفسهم إرادة أن يكونوا بشرا لا رعية، يقودها راع لا يعرف النزاهة والعدالة، وإنما ديدنه الباطل وبالباطل الاجوف يحتمي.