عباس العبودي.. عكازتان وحلم

الصفحة الاخيرة 2022/06/06
...

علي حمود الحسن
كيف يتسنى لرجل ناحل يعاني كسراً مزمناً في قدميه إدارة مهرجان سينمائي في محافظة واسط التي فاتها قطار الحداثة السريع حالها حال محافظات العراق وعاصمته الهرمة التي تتغنى بأمجاد ماضية، إنه المخرج عباس العبودي مدير مهرجان واسط السينمائي لست دورات سابقة، فضلا عن الدورة الحالية التي انطلقت فعالياتها للفترة من 1 إلى3 حزيران 2022، العبودي لا يستطيع التحرك إلا بعكازتين، وغالباً ما يحمله تلامذته ومريدوه  في مؤسسة" سنتر فن" للسينما والمسرح إن ارتقى أو نزل درجات المسرح وسلالم قاعات العروض، الطريف أن العبودي أدار المهرجان بمعية فريق عمل متفانٍ ومحب لمدينته بنجاح، إذ كان الحضور معقولا، خصوصاً جمهور المحافظة، الذي غصت به القاعة ومن زاد ظل واقفاً.
  شهد المهرجان تنظيماً جديداً، وإن كان متواضعاً، فقد كانت قاعة العروض على قدر جيد من التأهيل للمشاهدة السينمائية، وكان لتواجد صناع السينما من مخرجين وممثلين ونقاد سينما وفنيين لدعم لهذا الفنان المتفاني، أثر واضح في نجاح المهرجان الذي يعتمد في تمويله على رجل أعمال محب لمدينته قطع عهداً على نفسه أن يكون راعياً وداعماً للمهرجان "في الدورات السابقة واللاحقة" بالإضافة إلى دعم المحافظة ومجلسها.
 لم تمنع الأزمة الصحية التي مر بها العبودي منذ أكثر من سنة تشكيله شبكة علاقات مع فنانين وصناع سينما ومدراء مهرجانات عرب وأجانب، الذين تعاطفوا مع علو همته واصراره على تنظيم مهرجانه رغم كل الصعاب، إذ تجشم الوفد الفلسطيني من الضفة الغربية مشكلات السفر وازعاجات نقاط تفتيش الحدود ووصل إلى المهرجان وأسهم بشكل فاعل في يومياته، وقد تفاجأ الجمهور بوجود السفير الليبي الذي اصر على استلام جائزة تكريم مخرج  ليبي لم يستطع الحضور، وهذه سابقة فمن المعروف عن الدبلوماسيين العرب ندرة حضورهم لمثل هذه الفعاليات، وكل هذا لم يكن ليحصل، لولا الجهود الجبارة لمدير المهرجان ورئيسه عصام القريشي.
سألت مدير المهرجان الذي شارك فيه أكثر من 14 فيلماً تمثل 12 دولة، عن الهدف من تنظيمه وما سبب إصراره على الرغم من وضعه الصحي المتردي، فأجابني: "إنه شغف السينما، لشباب سينمائيين التفوا حولي في مؤسسة " سنتر فيلم للسينما والمسرح" وقررنا أن نحرك الساكن الثقافي في مدينتنا، ودعم مشروعنا أبناء المدينة العاشقون لها، وأضاف  العبودي "لا أخفي عليك أن المهمة ليست سهلة، خصوصاً بعد تعرضي إلى حادث، لكن فكرة إلغاء المهرجان لم تكن واردة على الاطلاق، فقررنا إطلاق النسخة السابعة باسم الفنانة القديرة فاطمة الربيعي"، والآن نتهيأ للدورة الثامنة من المهرجان بعكازتين وحلم.