سعد العبيدي
لم تمر على العراق في زمنه الجديد سنة، إلا وتطرق في شتائها مسؤولو الكهرباء، وبعض السياسيين المطلعين بشؤون الكهرباء من أن الصيف القادم سيكون أفضل من سابقه، بل ذهب البعض أبعد من هذا في لحظات تأمل واختلاء بالنفس، فتخيلوا حلاً قريباً وشاملاً لمشكلة الكهرباء، سيفضي إلى تصدير الفائض منها عراقية خالصة إلى دول الجوار، وها قد حلَّ فصل الصيف لهذه السنة، وقاربت درجات الحرارة بداية حزيرانه حدود الثامنة والأربعين درجة، الأمر الذي جعل تلك التنويهات والآمال غير قابلة للتصديق، طوال السنين التي تولت فيها وزارة الكهرباء بعهدها الجديد بعد السقوط مشاريع إعادة بناء منظومتها المتهالكة، وإلى يومنا هذا بداية حزيران، ووضع المسؤولين في خانة الاتهام بفقدان
المصداقية.
إن فقدان المصداقية والإصرار في استمرار السير على النهج ذاته، يعودان في الغالب إلى واحد أو أكثر من العوامل، بينها أو منها التأسيس في الاستنتاج على معطيات غير صحيحة أو وهمية، لم يتمكن المعني بالكهرباء من التدقيق في عدم مصداقيتها، وربما التغاضي عن التدقيق في ذلك، ومنها التأسيس على المعطيات النظرية، من دون الخوض في جوانب الوقائع العملية، كما يحصل في موضوع الغاز الإيراني، والارتباك في تسديد الديون، التي تجعل الاستيراد غير مستقر واقعياً، ومنها الاستغفال غير العمدي للمواطن، اعتقادا من البعض أن وعدا يقدمه اليوم وغداً يحلها الحلال، وهذه عوامل وأخرى غيرها توقع المسؤول في نهاية المطاف بمطب الوهم، وقوعاً يكوّن عند الكثير من أبناء الشعب أفكاراً بالضد تنتج تحت تأثير ضغوط الأجواء الحارة مشاعر إحباط، عدائية بالضد من دوائر الكهرباء والعاملين فيها من النوع القابل إلى التعميم على الحكومة والدولة، وهنا تكمن الخطورة، خاصة عند استغلالها من الفرقاء السياسيين، الذين لا يألون جهداً في استغلال المتاح بالضد من الخصوم، دون الأخذ في الاعتبار مشاعر الجمهور المحتاج إلى الهدوء والاستقرار.