بغداد: الصباح 

 تصوير: نهاد العزاوي 

استذكر أصدقاء ومحبو الفنان الكبير الراحل حميد البصري صفحات مشرقة من تاريخه الفني خلال الحفل الاستذكاري الذي أقامته جمعية الموسيقيين العراقيين بالتعاون مع اللجنة الثقافية لنادي العلوية، مساء الأحد الماضي، وأدار الجلسة الباحث الموسيقي حيدر شاكر والموسيقي جمال السماوي، وحضرها جمهور كبير غصت به القاعة، وقدم أثناء الأمسية عدد من الأغاني والألحان التي أبدع في صياغتها الملحن حميد البصري، برفقة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو ابراهيم السيد.

تحدث الموسيقي جمال السماوي عن المحتفى به قائلا: "إن الفنان حميد البصري أول من قدم فن الاوبريت ومن المؤسسين لهذا الفن الجميل، ولم يكتف بتقديم ألحان وإنما كان باحثاً وتربوياً استطاع أن يقدم خدمات كبيرة للفن العراقي، فقد دون أكثر من 200 أغنية شعبية وتراثية".

 

بصمة إبداعية

أول المتحدثين كان الأستاذ رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، والذي قال "نثمن مبادرة جمعية الموسيقيين العراقيين بحضور أصدقاء ومحبي الفنان حميد البصري، الذي ترك بصمة إبداعية مهمة على صعيد الفن الشعبي، إذ ظلت إبداعاته متوارثة عبر أجيال عديدة من الشباب تردد أغانيه".

وواصل فهمي حديثه "على الرغم من خروج الفنان حميد البصري من العراق مرغماً، إلا أنه بقي يواصل عطاءه وبإصرار إبداعي أينما حل، وتجد المعجبين بفنه يلتفون حوله، وكان متجدد العطاء وحريصاً على نقل رسالته الفنية والإنسانية والتنويرية، ومنفتحاً على الفن بأشكال متعددة، واتخذ من الفن والأغنية وسيلة للتعبير عن رسالته الفكرية والثقافية، لأن الموسيقى والغناء أداتان سريعتا الوصول إلى الجماهير والناس، وقد نجح بذلك وأصبح قامة يشار لها بالبنان على صعيد الفن والنضال".

 

نقل التراث العراقي

أكد الفنان كريم الرسام رئيس جمعية الموسيقيين العراقيين، أهمية الفنان حميد البصري في نقل التراث الغنائي العراقي إلى العالم، والعمل على مد الجسور الثقافية بين العراق والثقافات الأخرى، من خلال حضوره المؤثر في المهرجانات والندوات التي يقيمها في العديد من دول العالم العربية والأوروبية، وكان في كل هذه الفعاليات يؤكد ريادة الفن العراقي، وله العديد من الابتكارات الموسيقية ومنها مقام "رست البصري".

أما الباحث حيدر شاكر فقد استذكر جانباً من تاريخ حياة البصري قائلاً "كان والده يحب الفن ويغني الموشحات، ولم يكن الأب يرغب بأن يدخل ولده عالم الغناء، لكن قدر الفنان حميد البصري جاء بعكس رغبة أبيه واحترف الفن منذ خمسينيات القرن الماضي، وفي العام 1969 لحن أوبريت "بيادر خير" والذي كشف عن موهبة الفنان حميد البصري بشكل جلي، وظل متواصلاً بعطائه إلى آخر يوم في حياته".

 

أغانٍ وطرب

قدمت الموهبة الشابة أسيل عامر مجموعة من المعزوفات التراثية على آلة العود، ثم أدى الفنان محمد فاضل أغنية "خيوه بنت الديرة".

اما الدكتور هيثم شعوبي فقد أشار إلى أن "أغلب عازفي آلة القانون تتلمذوا على يد الفنان حميد البصري الذي كان يدرس آلة القانون وأنا أحد تلاميذه، وقد صحبته في سبعينيات القرن الماضي وكان شعلة من النشاط الفني والثقافي".

بينما بينت الدكتورة جبرا الطائي أن النظام المقبور حارب الفنانين والوطنيين وكان البصري أحدهم وجمعتني المصادفة به، إذ أقمت معه في فندق واحد في دولة اليمن، فوجدت أن الفنان حميد البصري يرتبط بزوجته الفنانة شوقية وكأنهما توأم فني وروحي.

ثم قدم المطرب كريم الرسام دويتو مع المطربة غادة بأغنية "يا عشقنا" والتي تفاعل معها الحضور باستمتاع.

وأوضحت الفنانة التشكيلية بشرى سميسم أن الفنان حميد البصري مزج بين الفولكلور والحداثة بحيث امتازت ألحانه بالسلاسة وكانت على الدوام تحرض على الحب والأمل، وعاش بمحطات عديدة من المنافي في اليمن وسوريا ولبنان واستطاع أن يحصل على شهادة الماجستير والدكتوراه بالموسيقى، وهو أول من قدم الفنان قحطان العطار بأغنية "الفرح جنحانه عشرة" والتي أداها الفنان سعد العطار أمام الجمهور.

آخر المتحدثين كانت سافرة جميل حافظ التي قالت: إن الإنسان قبل أن يتكلم كان يغني وهذا هو سر عشقنا للغناء ونقلت تحيات أخيها الموسيقار منذر جميل حافظ الذي هو طريح الفراش ويتمنى لو كان حاضراً بينكم. ثم وزعت الدروع بين المشاركين في الحفل.