من حياة الفولكلوريين العراقيين

فلكلور 2022/06/08
...

  باسم عبد الحميد حمودي
الفولكلوريون العراقيون نساءً ورجالاً عقول بحث دائم, الى أي مكانٍ ينتقلون إليه أو يجلسون فيه تجد هوس البحث والتفكير في ما حولهم من ظواهر اجتماعيَّة يلازمهم دوماً.
أمثلة من أتحدث عنهم كثيرة وافرة على اختلاف الزمن والجنس والعمر والمكان.
لكل نموذج منهم حكاية وفلسفة وقدرة على اختراق المألوف المتداول لكي يبني تجربته ويتحدث عنها ويدون بعض مظاهرها.
الباحثة الكبيرة نبيهة عبود التي اختارت الدرس الأكاديمي في الولايات المتحدة أضاعتها - أوكادت - ترجمات الاسم غير الدقيقة, فقالوا (نبيه أبوت) وبذلك ضاع الاسم لولا الباحث الدكتور جليل العطية الذي كشف عن اسمها الحقيقي واشتغالها على أدبيات ألف ليلة وليلة, فكان أنْ عرفناها وتابعناها.
الرجل العماري الطيب من مرتدي الصاية والعقال الذي كتب لنا منذ زمن (الأدب المهني) ليكون باكورة إحياء للفولكلور المهني وهو الأستاذ خليل رشيد, صنع بذرة بحث لا حقها المنتجون الفولكلوريون الآخرون.
جبار الجبيراوي باحث الفولكلور الميساني المتفرغ صنع الكثير من الكتب التي توثق للحكايات والعادات والتقاليد والشخصيات الميسانية وما زال.
عبد الحليم لاوند...الشاعر الموصلي انصرف فترة طويلة للكتابة عن الزجل الموصلي وقواعده وعن الحركات الدينيَّة والاجتماعيَّة في الموصل عبر الأديان الأخرى المجاورة للدين الإسلامي في منطقة الاهتمام (الموصل وما جاورها) منقطعاً عن الشعر الذي كان من رواد التجديد فيه, وعن الوظيفة ليتفرغ للعمل الفولكلوري حتى وفاته.
علي الفتال, الباحث والشاعر والكتبي الكربلائي انصرف حتى وفاته الى تدوين الظواهر الاجتماعيَّة والعادات والتقاليد الكربلائيَّة من دون أنْ يهتمَّ بمكسبٍ أو مغنم, مثله في ذلك مثل الباحث الكربلائي حسين علي الجبوري الذي أصدر عشرات الكتب في أقسام الفولكلور الكثيرة منها كتبه عن الطعام الكربلائي والعادات والتقاليد وتفاصيل المعتقدات, بحيث تعدُّ كتبه الوفيرة حتى في تحليل ظاهرة أبو حصيرة في مصر مراجع مهمة في أبوابها.
وبقدر ما اهتمَّ القاضي والمحامي والناقد محمود إبراهيم العبطة بالفولكلور البغدادي والحياة الاجتماعيَّة في مدينة السلام, كانت اهتمامات الباحث عزيز جاسم الحجية بكل ما يخص بغداد من مهنٍ وحكايات وعادات عبر سلسلته (بغداديات) التي انصرف إليها حتى رحيله.
الباحث البصري علي نكيل الذي اهتمَّ بالحكاية البصريَّة والمفردة صنع لنا كتباً مهمَّة في الفولكلور المحلي الذي اهتمَّ به الكثير من باحثي البصرة أمثال صالح باش أعيان وإبراهيم سالم وصفاء ذياب وأحمد محارب الظفيري, بينما اشتهر الباحث عبد اللطيف الدليشي ببحوثه عن الأمثال الشعبيَّة وألعاب الأطفال في البصرة, وهو أمرٌ كتب فيه يونس السامرائي عن ألعاب الصبية في سامراء وعبد الحسن مفوعر السوداني عن ألعاب الصبية في العمارة.
فإذا انصرفت الى أمر الباحثين في الحكاية الشعبيَّة العراقيَّة لوجدت الكثير من الأعمال والدراسات والبحوث ومنها أعمال الذوات: ناجية المراني وياسين النصير وكاظم سعد الدين وعز الدين مصطفى رسول ويوسف أمين قصير وعمر محمد الطالب وصادق راجي وداود سلوم ووحيد الدين بهاء الدين وصبري مسلم وقاسم خضير عباس وعشرات الباحثين.
وإذا وقفت عند دراسات ياسين النصير لوجدت ثراءً غير معهودٍ في البناء الفكري الذي يقودُ المادة الفولكلوريَّة الخام التي يضعها على طاولة البحث والتحليل.
نخلص من هذا العرض السريع الذي يذكر من دون وقوف على شخصٍ أو ظاهرة الى أنَّ البحث في شخصيات الدارسين العراقيين يتطلب إلماماً بهم وبعملهم, فنحن في كل عرضنا السريع هذا لم نذكر جهود الكرملي ولا إبراهيم الداقوقي ولا لطفي حبيب الخوري ولا جورج حبيب ولا مصطفى جواد والشبيبي.
إنَّنا نسبح في بحرٍ متسعٍ عرضنا لبعض ممن دخلوا مياهه لنذكر الباحثين الشباب بالرواد الأوائل الذي قدم كل واحدٍ منهم جهده وحكايته وعلى الأجيال الجديدة البحث والاستذكاروالتحليل.