الأغاني العراقيَّة والتراث العربي

فلكلور 2022/06/08
...

  إبراهيم السالم
حينما يتعرض البلد إلى حالة ضعف لأي سببٍ من الأسباب فإنه يفقد الكثير من موروثاته، وهذا ما جرى علينا في العراق، فإننا نرى أن مخطوطاتنا وقطعنا الأثرية التي تحكي وتكون شاهداً على وجود العراق وتأريخه ومجده وحضارته للعالم تسكن في المتاحف الأوروبيَّة، فضلا عن زوايا أخرى اقتصاديَّة وجغرافيَّة.
 
هذا الأمر ينسحب على صناعة الموسيقى فهي أول ما تتأثر حينما يتعرض البلد إلى نكبات حسب ما جاء في مقدمة إبن خلدون، لهذا يترتب على أبناء البلد أنْ ينهضوا وبقوة مطالبين باسرتجاع كل ما نُهِبَ إثر ذلك، ولأنني أدعي بانتمائي للموسيقى حاولت وبعد سعيٍ حثيثٍ ومراقبة وتدقيقٍ ومتابعة أرى من الواجب عليّ أنْ أحاول استرجاع ما نُهِبَ من إيقاعات وأغانٍ وأطرحها أمام المسؤولين على الموسيقى والغناء في هذه الحلقات من خلال جريدة الصباح الغراء عسى أنْ أجد وقفة قويَّة لإعادة هذه الأغاني والإيقاعات.
ذكرت في الحلقة الثانية أغنية (البوشية) وقدمت دلائل على عراقيتها بعدما ذَهَبت إلى التراث الكويتي بصوت المطرب العراقي محمود عبد الرزاق والملقب بـ"محمود الكويتي" مع أغنية "حمام يلي"، ولي عودة مع أغنية (البوشية) في حلقة قادمة خاصة بالإيقاعات المغادرة.
وإليكم بعض الأغاني العراقية المنسوبة للغير، أولاً دعيت لإقامة أمسية ثقافية فنية في مسرح (عمون) في عمّان حضرها جمهورٌ غفيرٌ من الإخوة والأخوات الأردنيين وأثنائها تقدم لي أحد الإخوان طالباً مني المشاركة في أغنية (عنيّد) وبدأت بالعزف فاعترض المطرب قائلاً: ليس هكذا، وبدأ النقاش على أنَّ هذه الأغنية هي من التراث الأردني وإيقاعها مختلفٌ وأيده بعض الحاضرين وقالوا: هي مسجلة بصوت المطرب الأردني (عبده موسى).
بدوري قلت لهم: إنها عراقية ومطربها حضيري أبو عزيز، ثم ذكرت لهم أن دلال الشمالي سجلت (لا لا لول لوّه) كلمات أبو سرحان وألحان حميد البصري، وسميرة توفيق سجلت (ألوجن) من التراث العراقي وسهيرة عودة ومصطفى شعشاعة سجلا (مگدر أگولك) كلمات سيف الدين ولائي وألحان رضا علي، وهيام يونس (يا أبو الشامي) موسيقى كردية فهل يجوز أنْ تُحسبَ هذه الأعمال على التراث الأردني؟. فسكت الجميع بعد نقاشٍ طويل.
ليس عتبنا ينصبُّ على الإخوة الأردنيين رغم أنهم تجاوزوا على موروثنا الغنائي، وإنما كل العتب واللوم على المسؤول عن تنظيم وبث الأغاني في محطة طرب الفضائيَّة الذي أخرج لنا أغنية (يا عنيد) على أنها من الأغاني العربيَّة.. ألا يعلم بأنَّ سليمة مراد سجلت وغنت هذه الأغنية وعبده موسى كان وما زال في طور الرضاعة.
ثانياً التراث السوري: انتقلت أغنية (على الروزنة كل الهنه بيها) من التراث الموصلي إلى أنْ تستقر وتصبح من التراث السوري، ولقد نسجوا لها قصة مفادها: (أنَّ الروزنة هو اسمٌ يطلق على سفينة إيطالية كانت تنقل المواد الغذائية إلى السواحل السورية أثناء الحرب العالمية الأولى، ومن هذا الحدث وعلى هذه السفينة ولدت هذه الأغنية) فصدقوا هذه القصة بإمضاءٍ عريض وسنأتي على أغنية (أم العباية) والقدود الحلبية في حلقةٍ قادمة.. فللحديث بقيَّة..