لبنان وأزمة الحدود المائيَّة

الرياضة 2022/06/09
...

علي حسن الفواز
ما أثارته الانتخابات اللبنانيَّة من نتائج واصطفافات فتحت الأفق واسعاً على  معطياتٍ خلافية، إذ يختلط فيها السياسي والأمني والاقتصادي، وعلى نحوٍ ينطوي على مفارقات يُمكنها أن تُدخل لبنان في خانق آخر، وفي صراعات لا حدود لها، لاسيما بعد التهديدات الإسرائيلية، مقابل موقف محور المقاومة اللبنانية في مواجهة ذلك، وهو ما يضع غموض المواقف الرسمية للدولة اللبنانية إزاء هذا الصراع، أمام حرجٍ يكشف عن طبيعة المأزق السياسي الذي تعيشه الدولة اللبنانية، وانقسام قواها السياسية.
ما حدث قبل يومين في المنطقة المتنازع عليها عند الحدود البحرية بين لبنان و”إسرائيل” بعد دخول منصة الغاز الإسرائيلية إلى حقل كارنيش، يؤشر خطورة هذه المعطيات، لاسيما أنَّ هذا الحقل يقع عند الخط الحدودي 29 وهو خطٌ تفاوضي للتنقيب عن الغاز، في ظل غياب أي توقيع مرسوم أو توافق يؤطر استئناف التفاوضات، ويُسهم في ترسيم الحدود، بما فيها الحدود المائية.
إن تأزيم الوضع الحدودي يُنذر بمخاطر كبيرة، وهو ما دعا الحكومة اللبنانية المؤقتة إلى دعوة الولايات المتحدة للتدخل، ولاستكمال المفاوضات الحدودية السابقة التي قام بها الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين، ولمنع إسرائيل من أي إجراء استفزازي، قد يدفع إلى تصعيد أمني، وصراع عسكري يتجاوز الواقع اللبناني، ويضع العملية السياسية الصعبة في لبنان أمام أزمات جديدة. فبقطع النظر عن “التسويغات الإسرائيلية” لقيامها بأعمال الحفر والتنقيب في المنطقة، فإنَّ ما يجري، وفي ظل هذه الظروف، يكشف عن النوايا العدوانية لإسرائيل، ورغبتها في الاستحواذ على حقول الغاز المائية، في ظل أزمة الطاقة العالمية، كما أنَّ هذا التصعيد ليس بعيداً عن المعطيات الانتخابية اللبنانية، ولا حتى عن الطبيعة الغامضة للمفاوضات حول الملف النووي الإيراني، ولتأثيرات تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل، إذ إنَّ التصعيد والتأزيم على الحدود، وتحت أيّ تبرير، قد يصطنع له أزمات وصراعات مجاورة، لها انعكاساتها العسكرية، والاقتصادية المعقدة، فضلاً عن تأثيرها في تقويض السلم الأمني في المنطقة، ووضع الجميع أمام ما يشبه الفنطازيا السياسية التي يمكنها توريط الجميع برهانات وخيارات من الصعوبة السيطرة على تداعياتها..