مديرية الدفاع عن نفسها

الصفحة الاخيرة 2022/06/13
...

عبد الهادي مهودر
أثار موت مواطن حرقاً وهو يستغيث ولا يغاث صدمة كبيرة، فقد شاهدناه والنيران تقترب منه فوق سطح بناية عالية في محافظة البصرة وتلتهمه في لحظات حياته الأخيرة، وكشف الحادث، للمرة الألف ومن الجحر ذاته، عن انعدام اجراءات السلامة والأمان في المباني السكنية والتجارية الأهلية وربما في الحكومية أيضاً، وخلوها من سلالم الطوارئ ووسائل الانقاذ البدائية التي نراها في الأخبار والأفلام لمساعدة المحاصرين على القفز في اللحظات الأخيرة، وعن تأخر وصول سيارات الإطفاء، وبالتالي الاخفاق في إنقاذ المواطنين، ومرة أخرى يتكرر دفاع مديرية الدفاع المدني عن نفسها، لكنها تبدو محقة في جانب كبير من ردودها وتوضيحاتها، فالبلاد التي لا يحترم فيها القانون تستمر فيها الحرائق والانتهاكات وتعجز فيها الدوائر عن تنفيذ واجباتها، ومديرية الدفاع المدني ليست الجهة المسؤولة عن محاسبة المتجاوزين على القوانين وليست مسؤولة عن انقطاع التيار الكهربائي وكثرة التحويلات من الوطنية إلى المولدة الأهلية وحدوث التماس الكهربائي، وليست الجهة المستوردة لأجهزة التحويل الكهربائية الرديئة (الجنج اوڤر)، ولا تبيع ألواح الكوبوند والسندويچ، وليست مسؤولة عن الازدحام الذي يمنع سياراتها من الوصول في الوقت المناسب، وليست مسؤولة عن السواق الذين لا يفتحون الطريق عمداً لسيارات الاسعاف والإطفاء ويستهزئون بها ويروون للركاب قصة سائق الاسعاف الذي يطلق صفارته ليجلب نفر كباب ساخن لحضرة السيد الآمر، وموضوع الدفاع المدني بكل ما فيه من تحديات ومخاطر يحتاج إلى جلسة مناقشة خاصة في مجلس النواب وقرارات فهو لا يقل أهمية عن بقية الأزمات والانسدادات، وسنكتشف حينها الجهات المقصرة في أداء واجباتها، والجهات المتساهلة بفرض القانون وأسباب استيراد مواد التغليف والبناء القابلة للاحتراق والأجهزة الكهربائية الرديئة، وموقف جهاز التقييس والسيطرة النوعية، وكيف تعمل المراكز التجارية دون اجراءات السلامة والأمان؟  ولو أن مدير عام الدفاع المدني يطالب بعقد جلسة علنية عاجلة لمجلس النواب فلن يلومه أحد، فلا بد من حل لتقليل الخطر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه والكشف للرأي العام عن جهات عديدة مشاركة في الفوضى التي تشعل الحرائق، ونحن نشارك مديرية الدفاع المدني دفاعها عن نفسها ونعلم أن طريقها مفروش بالصخور لكننا ندعوها إلى تكييف عملها وفق الواقع المعقد الذي نعيشه، وإيجاد آليات عمل جديدة تتناسب معه وتسيير دوريات جوالة او استخدام تطبيقات الكترونية كما في شركات السيارات والاستمرار بحملات التوعية وتقديم النصائح والتوصيات، وحتى الدعاء، وإذا كانت حملات التوعية والنصائح والتحذيرات والتوصيات لا تنفع والدعاء لا يُستجاب فإنا لله وإنا إليه راجعون.