أميركا واحتجاجات العنف المسلح

قضايا عربية ودولية 2022/06/13
...

علي حسن الفواز
خروج مسيرات شعبية في شوارع المدن الأميركية تهدف إلى إثارة الرأي العام، وإلى الضغط على الحكومة والكونغرس لمواجهات أكثر واقعية، وصولا إلى إيجاد تشريعات ضاغطة للحد من ظاهرة التسلح
ماذا يعني الاحتجاج على تغوّل ظاهرة العنف المُسلّح في أميركا؟ وهل ثمة دوافع سياسية أو عنصرية أو اجتماعية تقف خلف تلك الظاهرة المريعة؟ ولماذا تتسع ظاهرة بيع الأسلحة دون رقابة حقيقية؟
الاحتجاج الشعبي الذي تشهده المدن الأميركية لا يمثل ردة فعل فحسب، بل يكشف عن كثيرٍ من المتغيرات التي يعيشها الأميركيون، وعن المزاج العصابي الذي بات يتصاعد مع تصاعد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، ومع بروز غير مسبوق للمدِّ العنصري ولمعاداة المهاجرين والملونين..
جرائم القتل العشوائي، والمذابح المريعة التي0 تحدث في المدارس وفي المراكز التجارية، تؤشر خللاً تشريعياً ورقابياً، مثلما تعكس واقعاً مضطرباً، قد يربطه البعض من الانثربولوجيين بعقدة الهوية، وضعف سياسة الاندماج الاجتماعي، فضلاً عن علاقة ذلك بتعقّد نمط الحياة الاستهلاكية ومظاهر تضخمها، وما يعكسه ذلك من عوالم تتسم بشيوع أنماط اغترابية وعصابية وجنسية وتربوية، يعيش تداعياتها عدد من المراهقين والشباب، إذ ارتبطت تلك الجرائم ببعضهم، مع سبق الإصرار، وكأنهم يمارسون عبر الجريمة نوعاً من التمثيل النفسي ومشاعر العصاب الاجتماعي والنفسي..
خروج مسيرات شعبية في شوارع المدن الأميركية تهدف إلى إثارة الرأي العام، وإلى الضغط على الحكومة والكونغرس لمواجهات أكثر واقعية، وصولاً إلى إيجاد تشريعات ضاغطة للحدِّ من ظاهرة التسلّح، وإخضاع هذه الظاهرة إلى معاينة علمية، تبحث علاقة أسباب العنف المسلح بعوامله الاجتماعية والتربوية والاقتصادية، وبطبيعة الخطاب الأميركي الذي يشرعن العنف المسلّح في العالم، عبر الحروب ودعم الدول والجماعات التي تعيش صراعات أهلية، وتحت يافطات حماية الديمقراطية، وحقوق الإنسان والمجتمع الدولي، وهي قضايا محطُ جدلٍ تختلف باختلاف المواقف السياسية والأيديولوجية والمصالح الاقتصادية والأمنية..
ذاكرة مدرسة ساندي هوك الابتدائية في نيوتاون في ولاية كونيتيكت  عام 2012، لاتنسى مذبحتها، إذ قام مسلح بقتل 25 شخصاً معظمهم من الأطفال، وهي ليست بعيدة عن مذبحة "باركلاند" في ولاية فلوريدا عام 2018التي سقط فيها "17" قتيلاً، وصولاً إلى مذبحة مدرسة يوفالدي بولاية تكساس في شهر آيار الماضي، والتي سقط فيها 19 طفلاً واثنين من معلميها. هذه المذابح ارتكبها " شباب" مهووسون بالجريمة، وباقتناء الأسلحة ذات التقنيات الحديثة، وهو ما يكشف عن طبيعة البيئة التي تُسهّل الحصول على أداة الجريمة، فضلاً عن البيئة النفسية المضطربة التي تنمو فيها دوافع القتل والإجرام.