القرضُ الميَّسر كفيلٌ باطلاق قطار بغداد المعلَّق

ريبورتاج 2019/03/25
...

بغداد / سها الشيخلي
من المشاريع الحيوية التي طرحت منذ عدة سنوات مشروع القطار الكهربائي المعلق في بغداد لما له من مردود مالي جيد ولاسهامه في فك الاختناقات المرورية التي تعاني منها اغلب شوارع العاصمة، وقد أعد المشروع من قبل شركة الستوم الفرنسية، وقدرت  كلفته التخمينية  بملياري دولار، وتشير المعلومات الى ان سيره سيكون فوق الجزرات الوسطية، وسيمر عبر مناطق عدة منها الكاظمية ومدينة الصدر والشعب وسوف يسع لـ 30 الف راكب عبر 14 محطة وله مساران ذهاباً واياباً في المناطق المذكورة . 
مجلس المحافظة
عضو مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي تحدث لـ “الصباح” عن هذا المشروع قائلاً: في العام 2013 تم تبادل زيارات بين العراق وفرنسا بمقترح من شركة الستوم الفرنسية لانشاء قطار معلق في بغداد، وقد وافق مجلس المحافظة آنذاك على الفكرة وذهب وفد الى فرنسا للاطلاع على التفاصيل الفنية والمرحلة الاولى من مدينتي الكاظمية والصدر الى مركز بغداد، وجرت المباحثات بشكل سلس في عامي 2013 و2014، لكنها توقفت نتيجة تغير الحكومة المحلية، ومن العام 2014 لغاية 2017 بقيت المباحثات متوقفة مع الشركة الفرنسية، وصمم المشروع ليكون باشراف هيئة السكك الحديدية، اذ لا يمكن قيامه بدون ادارة وزارة النقل، وكانت للنقل والسكك مقاعد رئيسة في لجنة المفاوضات، وقدرت التخصيصات المالية للمشروع بملياري دولار بتمويل من شركتين هما الستوم الفرنسية وهونداي الكورية، والعراق يسهم فقط بـ 15 % من كلفة المشروع، وليس بالضرورة ان تكون اموالاً بل قد تكون عمالاً او مهندسين او مواد اولية، والان استلمنا العقد المالي والفني ودخلنا مرحلة جديدة قبل اشهر، واوكل الملف بالكامل الى الحكومة الاتحادية - مكتب رئيس الوزراء- ودخل الملف في برنامج الحكومة الحالية، وطرح المشروع بالكامل على رئيس الجمهورية ايضاً وعند زيارته لفرنسا جرت مباحثات بشأن هذا المشروع، وهناك لجنة مختصة ودائمة بالمشروع مشكلة من مجلس محافظة بغداد ووزارات المالية والنقل والتخطيط، وهناك منحة دولية سوف نأخذ منها الـ 15 % للمساهمة العراقية والتسديد خلال 15سنة من تاريخ تشغيل القطار وهذ التسديد يذهب الى البنوك الفرنسية التي مولت المشروع. 
واشار المطلبي الى ان القطار سيكون شبيهاً بقطارالامارات الا ان الاخير ليس معلقاً بالكامل، وسيسير قطارنا المعلق فوق الجزرات الوسطية للشوارع حفاظاً على البنى التحتية، وهناك مجموعة من القطارات وليس قطار واحد، ونحن الان في طور دراسة العرض الفني وفيه تفاصيل كثيرة ويستمر العمل باكمله  من 4 الى 5 سنوات وفق اربع مراحل، وتعمل معنا كل من وزارة التخطيط والنقل وامانة بغداد الذي كان اقتراحها ان تكون مسيرة القطار تحت الارض اي (اندر كراوند) الا ان هذا الاقتراح غير ممكن لوجود المياه الجوفية نتيجة قرب بغداد من النهر، وهناك لجان عدة مهيأة للعمل، لكن المشكلة الاساسية تكمن في القوانين منها قانون الاستثمار والكثير من الوزارات ما زالت تعمل بقوانين غير مناسبة. 
 
التخطيط الستراتيجي
ويقول عضو لجنة التخطيط الستراتيجي في مجلس محافظة بغداد نزار السلطان: نحن لجنة التخطيط المشرفة على عمل محافظة بغداد و احد مشاريعنا هو القطار المعلق وقد اجريت مفاوضات القطار المعلق مع شركة الستوم الفرنسية ودخلت شركة هونداي لاحقاً، وشركة الستوم مصنعة للقطارات ومعروفة عالمياً ونحن ضمن لجنة (قطار بغداد المعلق) ونشرف على آلية الوصول الى مرحلة تنفيذه والشوط الذي قطعناه هو توقيع عقد استشاري للدراسات الستراتيجية مع شركة الستوم والشركة  الثانية (سترا) التي اعدت التصاميم للقطار بطول 22 كم و14محطة بطاقة تصميمية لـ 30 الف مسافر بالساعة ذهاباً واياباً، وخط سير القطار المعلق جزء من منظومة النقل الشامل لبغداد المصممة عام 1984 من قبل شركة (سكوت وسن) البريطانية.
 وعما اذا كانت الطاقة الكهربائية في بغداد تكفي لتسيير القطار، اجاب السلطان ان واحدة  من متبنيات الشركة انشاء محطة خاصة للمشروع بطاقة (100ميكاواط) في منطقة العلاوي واذا دخلت شركة سيمنز الالمانية الى بغداد لاعادة تأهيل المنظومة الكهربائية، فمن المحتمل رفع هذا العرض لكلفته المالية، اذ سيكون بامكان سيمنز تجهيز القطار باكثر من مغذ، لكي يؤمن حركته على مدار 18 ساعة، بدءاً من الساعة السادسة صباحاً الى الـ 12 ليلاً، ويستهدف القطار مناطق مرورية معقدة بالاختناقات، وسيشكل نقلة نوعية في حركة النقل بين الرصافة والكرخ، ومدينة الصدر والشعب والكاظمية وغيرها من 
المناطق.
 
القرض الآجل
ولفت السلطان الى ان المشروع سيعتمد على القرض الآجل وهو قرض ميسر قدمته مجموعة مصارف عالمية وبحدود 5-2 مليار دولار بفائدة تنافسية على مدى 19سنة منها 5 سنوات سماح، وهي فترة تنفيذ المشروع، ويبدأ السداد بعد تشغيل المشروع على مدى 14سنة، اما الفائدة فنتوقع ان تكون 2 % ، وفي البداية كانت الفائدة اكثر من 2 % ولكن مفاوضنا القوي والخبير تمكن من تخفيضها الى اقل حتى من 2 % .
 اما ماذا سيقدم العراق من اموال فقال السلطان: بحسب اتفاقية بازل الدولية تسهم الدولة المستفيدة من المشروع ضمن الــــــقــــروض الميسرة، ويــفـتــرض ان تـقـــدم 15 % لضمان جديتها، وهذه الـ 15 % تقدر بحدود حسب الكلفة التخمينية بين 300 الى 400 مليون دولار والمفروض ان ندفعها للمقدمة، وهناك عمل على تأسيس شركة بحسب مقترح وزارة التخطيط وقد تم تأييده من قبلنا بأن تتكون شركة لادارة المشروع مؤلفة من محافظة بغداد وامانة بغداد ووزارة النقل وتتوزع الحصص بين هذه المؤسسات الثلاث، فضلاً عن وزارة النقل باعتبارها الجهة القطاعية المسؤولة فنياً عن ادارة المشروع، لذا سيكون التمويل بين هذه المؤسسات الثلاث، لكن الفرنسيين جاؤونا بعرض آخر وهو ان باستطاعتهم رفع نسبة الـ 15 % عنا، لان فرنسا كانت قد اعطت وزارة المالية قرضاً ميسراً قيمته مليار دولار وتم استهلاك بعض منه ضمن موازنة هذا العام لتمويل البنى التحتية في العراق،  كما ان 300 مليون دولار من هذا المبلغ منحت لمحافظة نينوى منها 200 مليون دولار لمطار الموصل و100مليون دولار لمجمع سكني، وبقي 700 مليون دولار من القرض، وقال الفرنسيون: ان بامكان الحكومة سحب  18 % منه لتمويل القطار المعلق، واذا ما تم ذلك فان التزامنا كمحافظة بـالـ15 % يصبح صفراً وهذه المقترحات مرهونة بالحوارات الجدية بين وزارة المالية وبين مجموعة المصارف العالمية الخمسة. 
واكد السلطان ان هناك بطئاً وعدم جدية من قبل وزارة المالية في اتخاذ القرارات، وقد شكلت لجنة من قبل رئاسة الوزراء وانا عضو في هذه اللجنة ووضعنا رؤيتنا ومتطلباتنا تجاه المشروع وتم ارجاعها لرئاسة الوزراء ونحن كمحافظة نؤيد تبني العرض المالي المقدم، مع العلم لا توجد لدينا صلاحية لمناقشة عروض كهذه، لان ذلك من اختصاص وزارة المالية التي اشتركت معنا بلجنة واحدة شكلت مؤخراً وموقفها لم يكن مشجعاً، وكان السبب ان وزارة المالية كانت ترى ان البت في مشاريع كهذه يحتاج قراراً  سياسياً وليس مهنياً، ويحتاج الى جرأة سياسية لاتخاذ القرار، الا اننا نعول على السيد رئيس الوزراء في دفع المشروع باتجاه التنفيذ، لانه ضمن البرنامج الحكومي في حكومة السيد عادل عبد المهدي وصوت عليه البرلمان وقد تجاوزنا عدة خطوات باتجاه تنفيذ المشروع، اضافة الى ان المشروع داخل ايضاً ضمن الخطة الوطنية الخمسية لوزارة التخطيط للاعوام 2018-2022 ، ومن المفترض ان يتخذ به اجراء، والاجراء المعوق في تنفيذه هو التمويل، وفي الاستثمار لم نجد فرصة وقد وضح رئيس هيئة الاستثمار الاسباب، ولا تتحمل تخصيصات الموازنة كلفة المشروع، وفي الشراكة ليس لدينا قانون للشراكة لحد الان ولم يبق لدينا الا القرض الميسر الذي قدمته المصارف الخمسة،  ولكن امامنا معوقات اتحادية.