لقلة تجاربهم الحياتية أزواج صغار في أتون الخلافات

اسرة ومجتمع 2022/06/18
...

 سعاد البياتي 
عن هذا الموضوع وجدنا قصصاً عديدة لها أسباب متشابهة في أحيان كثيرة، تقول (نور سامي) 16 عاماً «تزوجت من شاب يكبرني بثلاثة أعوام لأنني تركت الدراسة ولا بد من قرار الارتباط حسب إلحاح الأهل، فاختاروا لي ابن خالتي العاطل عن العمل، وتم كل شيء بسرعة، وبدأت المشكلات تدب في حياتنا لأصغر الأشياء، ولا نملك حلولا لها لقلة خبرتنا، فلم تدم عشرتنا سوى عام واحد، فالطريق بات مغلقاً، والحلول لم تجد نفعاً معنا حتى وجدنا أوراقنا أمام أبواب العشيرة التي تفرض قيودها بصرامة.
أما (ندى محمد) 18 عاماً فتشعر بالكثير من الندم، فقد وافقت على الارتباط بناءً على كلام الأهل عن ابنهم الشاب الذي يتمتع بصفات جيدة تؤهله لأن يكون زوجاً ناجحاً، لكي يستقر ويتحمل مسؤولية أسرته، إلا أن ذلك لم يحدث لأن كل ماوافقنا عليه من الصفات كانت غير صحيحة، مجرد ترتيبات من أجل أن يتم الزواج بسرعة، ولأنني لا امتلك مواصفات الجمال الكاملة ولا المؤهلات العلمية، ولأن الشاب لا يتمتع بالوسامة المطلوبة ولا الشهادة العلمية أيضاً كان ذلك سبباً وافياً للموافقة على الزواج، الذي انهار بسرعة والأسباب عديدة حسب وصفها، ولا مجال لذكرها .
 قصص كثيرة تنتشر في مجتمعنا الآن، تتشابه مع قصة ندى وزوجها، ومع نور أيضا، فالأرقام خيالية عن زواجات عديدة لأعمار صغيرة لا تتحمل مسؤولية البيت والأسرة، وللأهل علاقة كبيرة في مدى وعيهم وفي ضرورة أن يكون الابن مؤهلا قبل إقحامه في مؤسسة الزواج.
 
أسس سليمة
عن هذا الموضوع تحدثت المختصة الاجتماعية ريم العجيلي بالقول :من مقاصد الزواج الحقيقية تكوين أسرة على المحبة والمودة والاستقرار، وهي مسؤولية تقع على عاتق الشاب والفتاة والأهل من كلا الطرفين، ويجب أن يتم الاختيار بناء على أسس سليمة، والأخذ بجميع الأسباب التي تؤدي إلى الزواج الناجح، وأبرزها التكافؤ والتوافق، وكذلك خلو الطرفين من الأمراض البدنية والنفسية والتي غالباً ما تؤثر في مستقبل الأزواج المقبلين على ذلك، لما لها من دور في استقرار حياتهم، فعلى سبيل المثال تؤكد العجيلي أنها صادفت في اختباراتها الاجتماعية ودراستها للعلاقات ذاتها أن العديد من الشباب تخلخلت حياتهم الزوجية نتيجة تعاطيهم المخدرات أو مصاحبتهم لأشخاص غير كفوئين، وفي ذلك تأثير كبير على علاقاتهم الزوجية. 
مبينة : هناك العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية ولم يتم تقديم المعالجة لهم، بل يتم الإصرار على تزويجهم لاعتقاد الأهل أن الزواج يخفف من تلك الأعراض النفسية، إلا أنهم في هذه الحالة يسهمون في خلق أسرة غير مؤهلة لتربية الأبناء وحدوث جرائم كالتي نراها الآن، فمدمنو الكحول والمخدرات هم الفئة الأكثر ضرراً على الأسرة في حال تم تزويجهم، لذا على الأهل أن يكونوا على دراية كاملة بأحوال ابنهم، فالمرض النفسي هو حالة تحتاج إلى متابعة وعلاج .
وتعترف العجيلي بأن الأجيال الحالية أمست غير مؤهلة للزواج، وأغلبهم خرجوا للحياة وهم متكلون على الأهل في احتياجاتهم بدون تعب او عناء.
 
معادلة الحياة
أخيرا ترى العجيلي وهذا حسب تقديرها للمواقف التي تمر عليها أن للأهل دوراً كبيراً وسانداً لأبنائهم في توجيههم ومنحهم خبراتهم في الزواج والتي أساسها المحبة والتفاهم والصبر على المشكلات الاجتماعية والتي أولها الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها شبابنا في عدم ايجاد عمل مناسب. 
فللأب والأم جزء من معادلة الحياة المهمة مع السنوات الأولى، والحاضنة الحقيقية في الحفاظ على كيان الأسرة وعدم اللجوء للانفصال، لأنه بالتأكيد جزء ممن يدفع الثمن الأولاد، فالتعليم والتدريب على السلوك، والتأهيل ما قبل الزواج له دور، ولكن كيف يتم كل هذا وفق برنامج كامل ومسؤولية كاملة؟ ونحن قد اختصرنا مؤهلات الزواج الناجح بحفلة عرس وتجهيزات وفرحة قد لا تدوم طويلا.