بين مفاهيم اديث وارتون وتشارلز ديكنز في مسلسل العصر الذهبي {The Gilded Age}

الصفحة الاخيرة 2022/06/19
...

 ضحى عبدالرؤوف المل
 
تتقاطع التيارات الاجتماعية في مسلسل ارستقراطي بعنوان العصر الذهبي (The Gilded Age)، وهو يمثل أواخر القرن التاسع عشر من خلال الأختين أغنيس فان راين (كريستين بارانسكي) وأد بروك (سينثيا نيكسون) مع ابنة أخيهما المتمردة نوعا ما على التقاليد الصارمة المجتمعية ماريان بروك (لويزا جاكوبسون)، المفلسة ماليا بعد وفاة والدها . 
 
حرية السود والمجتمع الارستقراطي
اذ تلتقي ماريان في طريق رحلتها الى بيت عمتها المرأة السوداء، التي تكتب القصة في عمود اسبوعي لصحيفة تضفي لمساتها على المجتمع المخملي، ووتؤرشف للمناسبات كإضاءة المخترع اديسون للكهرباء لأول مرة في نيويورك ، ضمن احتفالية ارستقراطية كبيرة جداً تغطيها اعلاميا الكاتبة السوداء بيغي سكوت، التي تتولى ايضا منصب سكرتيرة أغنيس والعنيدة في فرض استقلاليتها عن والديها في غموض يلف علاقتها بأبيها وأمها، والمجتمع الذي لم يتقبل تماما حرية السود وانخراطهم في المجتمع الاستقراطي؟ فهل المسلسل يرسم الكثير من الاشارات الغامضة من خلال مفاهيم اديث وارتون وتشارلز ديكنز، رغم التركيز على موضوع سكة الحديد وبداية القوة المالية في نيويورك واستثمارات الملوك وظهور طبقة من الأغنياء الجدد؟
 
انطلاقة النبلاء الجدد
حقبة مهمة من تاريخ الولايات المتحدة يكتبها "جوليان فيلوز " بقوة الواقع، الذي يمثل انطلاقة النبلاء الجدد وبدء النمو الاقتصادي في ظل مشاريع سكك الحديد، واضاءة الكهربا وانتشار الصحافة واهميتها، حيث الأحداث تتخذ عدة اشكال درامية لكل منها عقدته مثل "بيرثا راسل" والتي تلعب دورها الممثلة "كاري كون"، التي تتسلق اجتماعيا السلم المخملي مبتعدة عن اصدقائها القدامى، وملتزمة بمعايير التقاليد الاجتماعية من استقبالات وحفلات، ونوعية الخدم في قصر رخامي مهيأ للصراع الطبقي الذس تخوضه زوجة المصرفي، الذي يستبد حتى باختيارات ابنته من حيث زواجها، والاعتراض على نوعية صداقاتها، متفقا بذلك مع جشع أمها ورغبتها في الفوز اجتماعيا والتسلق الى القمة الارستقراطية المذهبة. خاصة أن التوسع الصناعي في ازدياد من بناء للمصانع، وبداية ازدهار العمل الاعلامي، والنمو الاقتصادي السريع، الذي يمثل نوعا من الصراعات الاخرى الأكثر اهمية في عصر تتحرر فيه المرأة، وتسجل أولى قفزاتها التي وصلت اليها . كما هي الحال مع ابنة الاخ ومعارضتها العمة المتشددة، والكاتبة السوداء في معارضتها الاب من أجل تحقيق حلمها في الاستقلالية والكتابة للتحرر من القوالب الصارمة في حق المرأة عامة، وفي حق المرأة السوداء خاصة. 
 
جمالية الأزياء
فهل تخيفنا الانطلاقات في التغيير الاجتماعي؟ أم أن المستقبل هو سفينة تنطلق بسرعة نحو الماضي الجديد، بمعنى أن كل مستقبل سيصبح ماضيا حاملا نجاحاته او فشله، ويؤرشف لكل السلبيات ولإيجابيات المرحلة ، وهذا ما فعله مسلسل العصر الذهبي بجمالية الازياء ووسائل عصره من عربات ونظام الحياة المفتوح تصويريا على خلفيات مدروسة بصريا ومحبوكة اخراجيا من قبل سالي" ريتشردسن". لمنح المشهد القوة الدرامية المتآخية مع الحبكة التصويرية والموسيقية في الحلقات الأولى. فهل الانتقام من الاغنياء الجدد سيكون صراعا من نوع آخر في مسلسل شهدنا نجاح حلقات موسمه الأول؟
 
لكل عصر ذهبي كبوة
لم يبتعد المسلسل عن عصر "أديث وارتون" ومجتمعها المخملي ما بين الثروة والنفوذ والأزياء، وتربية الكلاب، التي اتخذت صفة اجتماعية طبقية لا تقل اهمية عن الأزياء واهميتها، وتطلعات طيقة من المجتمع نحوها لما تمثله من فروقات بين الفئات الاجتماعية، وانطلاقة المرأة بين الصحافة والاعلام والكتاب والأدب، وهذا ما تذكرنا به الكاتبة السوداء وإن تغير اللون، لكن تبقى لانطلاقة المرأة في نشر قصصها ضمن المجتمع، الذي يُضيّق دائرته على المرأة هو التحرر بحد ذاته رغم فساد طبقة الأغنياء من وجهة النظر الشعبية ، فما بين الظاهر الارستقراطي والباطن بممارسته المشبوهة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا تقيدنا المفاهيم ما بين "تشارلز ديكنز "، الذي دائما يجعلنا نعود الى قصة مديتين ونحمل هموم الطبقة الفقيرة، وهموم التغيرات رغم الاصلاح الذي يظهره المسلسل مثل انشاء شبكة نقل لتهيمن الشركات التجارية على الصناعات والاصلاحات برمتها . فهل لكل عصر ذهبي كبوة ؟