بغداد: الصباح
رحل أيقونة الموسيقى العراقية منذر جميل حافظ بهدوء مثلما عاش، يوم الأربعاء الماضي، بعد رحلة طويلة مع الموسيقى والتأليف والقيادة ملأ فيها المكتبة العراقية والعربية بجمال النغم والأفكار الموسيقية المثيرة المحفزة للآخرين على الابتكار والإبداع.
وقد نعى المجمع العربي للموسيقى منذر جميل حافظ ببرقية حصلت "الصباح" على نسخة منها، وجاء في نص النعي: "تنعى أسرة المجمع العربي للموسيقى بمزيد من الحزن وعميق الأسى واللوعة رمزاً من رموز الموسيقى العراقية، كانت له مشاركاته الفاعلة في المحافل والمؤتمرات العربية، وإذ تشكل وفاة الفقيد خسارة للجسم الموسيقي العراقي والعالم العربي، فإننا نبتهل إلى الله العزيز القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم زوجته وأفراد أسرته وكل من عرفه وقدر إبداعه الصبر والسلوان". وكان الراحل قد تولى منصب مدير المجمع العربي للموسيقى من العام 1975 إلى العام 2007.
منذر جميل حافظ المولود في بغداد عام 1931 من أسرة تشربت حب الفنون والأدب فهو شقيق القاصة سافرة جميل حافظ وشقيق التشكيلية حياة جميل حافظ، وقد كرس الراحل حياته لخدمة الموسيقى والفن كرسالة للإنسانية والمحبة واشاعة الجمال في أركان المعمورة.
درس الموسيقى في معهد الفنون الجميلة في بغداد وتعلم العزف على آلة الكمان والفيوالا على يد الأستاذ ساندو البو، وأنهى دراسته العام 1963 ، ثم التحق بدراسة آلة الفيوالا والعلوم الموسيقية النظرية في كلية " ترنتي" في لندن العام 1967، كما درس الرسم والتصميم والديكور خلال وجوده في لندن وبرع في رسم اللوحات وفق سياقات المدرسة الانطباعية، ثم اتجه إلى أساليب المدرسة السريالية والتجريدية وشارك في العديد من معارض الفنون التشكيلية. والجدير بالذكر أن الراحل أحد أعضاء "جماعة الانطباعيين" التي ضمت الفنانين: حافظ الدروبي، سعد الطائي، حياة جميل حافظ، سهل السنوي، ضياء العزاوي، عبد الامير القزاز، مظفر النواب، علاء بشير، ياسين شاكر، وسعدي الكعبي. وكان للراحل اسهاماته الكبيرة في مجال الموسيقى العراقية عموما والفرقة السيمفونية خصوصا، فهو عضو مؤسس للفرقة السيمفونية الوطنية العراقية، واستمر في العزف فيها بشكل متواصل على آلة الفيوالا من العام 1959 وحتى العام 2008. وهو أحد أعضاء فرقة "رباعي بغداد الوتري" التي ضمت إضافة إلى منذر جميل حافظ الموسيقيين: آرام تاجريان، نوبار باشتكيان، حسين قدوري، والتي استمر عملها من( 1962 - 1971).
يذكر أن الراحل هو أول من أعد البرامج التي تعنى بالثقافة الموسيقية في تلفزيون العراق، فقد أعد برنامج "مع الموسيقى العالمية"، وخصصت له مدة ساعة كاملة كل أسبوع، واستمر هذا البرنامج ببث الثقافة الموسيقية
من العام 1974إلى 1976. وعلى الصعيد التربوي فقد درس مادة التذوق الموسيقي ونظريات الموسيقى في مدرسة الموسيقى والباليه ومعهد الدراسات الموسيقية من العام 2968 – 2005 وقد كان للراحل دور تمثيلي في فيلم "الملك غازي" إخراج محمد شكري جميل عام 1993. أما أهم المناصب التي تقلدها في مسيرته الفنية، فقد تولى منصب مدير الفرقة السيمفونية الوطنية العراقية 1996 - 1999. والمشرف الفني للفرقة السيمفونية الوطنية العراقية 2000 - 2008. ومدير المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية من العام 1975 الى العام 2007. وكانت له اسهاماته الفاعلة في مجال الفكر والتأليف من خلال العديد من البحوث والدراسات الموسيقية التي قدمت في ندوات ومؤتمرات المجمع العربي للموسيقى. وصدر له عن دار الشؤون الثقافية العامة كتاب بعنوان "محتوى الألحان لغاية عصر التنوير".
ومن مؤلفاته الموسيقية التي قدمتها الفرقة السيمفونية العراقية:" سيريناد للوتريات"، "شواطئ دجلة"، "ايحاءات شرقية"، "كونشيرتو العود والوتريات"، "خيط المغزل"، "تنويعات على أغنية جي مالي والي"، افتتاحية الحياة، وافتتاحية البناء.. وغيرها من المؤلفات
الموسيقية.