عبد الجبار العتابي
ما زال الكثيرون يتساءلون بشيء من الغرابة والدهشة عن غياب المرأة عن التأليف المسرحي، وأجد هذه الاسئلة تطرح هنا وهناك وتجد من يؤيدها ويعلن عدم معرفته بوجود كاتبات عراقيات للمسرح او يزيدون تساؤلهم اثارة من انهم لم يعرفوا عروضا مسرحية قدمت على خشبة المسرح !!، وربما هذه التساؤلات تأتي من باب عدم المتابعة او أن المراد من السؤال هو قلة التأليف المسرحي النسوي..، او ان الاعمال المسرحية التي تكتبها النساء لم تبلغ شأنا للانتباه اليها، ومن هناك انطلقنا في البحث والسؤال، والطريف انني في اول الطريق عرفت أن إحدى النساء قد تقدمت لنيل الماجستير ببحث يحمل عنوان ) واقع التأليف المسرحي النسوي في العراق وخصائصه الدرامية ( ، وهذا يعني ان هناك مؤلفات للمسرح، وعلى الفور وجدتني اتصل بصاحبة هذا البحث وهي الكاتبة المسرحية أطياف رشيد، التي اجابتني عن اسئلتي قائلة : التاليف المسرحي اختصاص صعب وهو كأدب من المجالات التي لا تساعد في شهرة المبدعة مثل باقي الانواع الادبية، مثل الرواية والقصة والشعر، المسرحية كأدب لايكون عليها اقبال من قبل القراء الا من قبل المهتمين والمسرحيين وايضا ليس جميع المسرحيين الدارسين والباحثين في اغلب الاحيان .
واضافت : النص المسرحي عندنا يحتاج الى ان يعرض على الخشبة حتى يعرف، وهذه مشكلة اخرى وهي مسألة البحث عن مخرج، واعتقد ان الاهم من كل ذلك هو ليس عدد الكاتبات المسرحيات، انا اؤمن ان نوعية النصوص هي التي يجب ان تحسب فكاتبة واحدة بامكانها ان تمثل الكتابة المسرحية ليس فقط النسوية ولكن على المستوى الثقافي والمسرحي
بشكل عام.
وتابعت: من خلال متابعتي اجد الكاتبات المسرحيات اقل من اصابع اليد الواحدة، اما لماذا لا تقدم مسرحياتي على الخشبة؟ فهي قدمت في معهد الفنون الجميلة وهي موجودة في كتب وانا مستعدة للتعامل من يريد تقديمها من المخرجين !!
الى ذلك كان لا بدّ من الاستئناس برأي الكاتبة والمخرجة والممثلة الدكتورة عواطف نعيم، التي قدمت العديد من الاعمال من تأليفها، وطلبت منها ان ترفدني بالمعلومات التي لديها عن المؤلفات المسرحيات واعمالهن، فقالت: لم تكن الكتابة للمسرح امرا سهلا، فهو ميدان صعب يتطلب اقتحامه المعرفة والموهبة والمخيلة، وحين يكتب الكاتب المسرحي عليه ان يعرف لم يكتب، ماذا يريد ان يوصل من خطاب، لمن يوجه هذا الخطاب وكيف يصيغ
هذا الخطاب.
واضافت: من تعامل مع الكتابة المسرحية في العراق وحتى في الوطن العربي هن نساء معدودات، ونعني هنا بالكتابة ليس القصة او الرواية بل المسرح، وهو جنس ادبي له خصائصه وله مواصفاته، في العراق هناك أديبات تعاملن مع النص المسرحي وخرج النص ذاك من حدوده الورقية ليتحول الى عرض مسرحي، كما هو الحال مع تجربة الشاعرة وداد الجوراني وعملها المسرحي ) ليلة غاب القمر( والتي أخرجها للمسرح الفنان المجتهد احمد حسن موسى وقدمت على خشبة مسرح الرشيد، وتجربة الروائية لطفية الدليمي وعملها المسرحي (الليالي السومرية) والتي تحول الى عرض مسرحي على يد الفنان الكبير سامي عبد الحميد وقدمت على خشبة قاعة الشعب، وهناك التجارب الكتابية للمسرح لكل من الكاتبة رشا فاضل والكاتبة اطياف رشيد، وايضا للفنانة فريال كريم عدد من النصوص المسرحية، وكذلك محاولات في الكتابة المسرحية للفنانة التفات عزيز ومعها د. ليلى محمد، لعل الوحيدة التي تواصلت بالكتابة للمسرح وللدراما التلفزيونية هي انا، وبدأت هذا منذ العام 1987 في اول عمل مسرحي لي يحمل اسم )لو .. ( والتي اخرجها للمسرح الفنان الكبير عزيز خيون، وتواصلت بعد ذلك الاعمال المسرحية لي على خشبة المسرح العراقي والعربي وترجم عدد من النصوص التي كتبتها الى اللغة الانكليزية والالمانية، وما زلت أواصل الكتابة والعمل على تحويل نصوصي الى عروض مسرحية .
وتابعت : يبدو ان ميدان الكتابة للمسرح بما فيه من صعوبات ومحاذير لم يغر الكاتبات بالولوج اليه، ومع ذلك لو تصفحنا خارطة الكتابة العالمية للمسرح، لوجدنا ان عدد الكتاب الذكور في هذا الجنس الادبي يفوق بكثير عدد الكاتبات
من الاناث.
من جهته اختصر الكاتب المسرحي مثال غازي اجابته بالقول : مجال التاليف المسرحي مجال صعب وليس سهلا، الكتاب الرجال قلة من يستمر ويقاوم فما حال النساء اذن ؟
واضاف: لايوجد لدينا في الوقت الحاضر غير د. عواطف نعيم فهي الوحيدة في هذا المجال!!
اما الكاتب المسرحي سعد هدابي فقال : نحن وبشكل عام نعاني من شحة في مفردة المؤلف المسرحي باعتباره الباحث الاول في ورشة الاشتغال .
واضاف: وأظن ان طبيعة الخطاب المسرحي الشائك لايشكل مساحة سياحية للمرأة العراقية فهو مناخ مؤدلج وصعب، هذا من جانب.. والجانب الاهم ان المؤسسات المعنية بنبض المسرح العراقي لاتقيم ورشا للتأليف المسرحي للنساء مما دعا المرأة أن تتنفس في القصة والرواية والشعر .