جوهر الكلمة

اسرة ومجتمع 2022/07/01
...

سعاد البياتي
قد تحمي التجارب الحياتية الكثير من المواقف، وتكون حارساً أميناً على السلوكيات التي تمضي بنا أحياناً إلى فقدان أعصابنا والخروج عن سيطرات النفس الذاتية، لا سيما حينما نجد أن الطريق مسدود للعدالة والحقوق، لتكون للكلمة معانٍ أخرى أشبه برسالة وهدف لا بد من السعي لأجله، فهي الصوت الخفي والسلاح القوي!
لذا فلا بد للكلمة من أن تصبح سلاحاً ضد العنف او الظلم، وتكون أمينة على حفظ الحقوق حتى وإن لم تتحقق، فقد أضحت في مسامع وأدرك وجودها.
وهي بحد ذاتها أمر مقدس، ويتوجب احترامها ووضعها بموضع تستحقه، وفي الأجواء التي تستسيغها وتفهم محتواها وما يدور خلفها من معانٍ وأهداف، والمواقف هي أسمى الوجود في عالمنا الغامض الذي ضاعت فيه الحقائق والتضحيات. هي رسالة للنظر إلى كل حيثيات الأمور التي تسيء للمعنى الحقيقي للكلمة وما يرافقها من مبادئ ساعية إلى العطاء والإخلاص في العمل، ليحتل الحق كل الكلمات حينما ينصف أصحاب الحقوق، لتجسيد المبدأ الإسلامي السليم، كلكم لآدم وآدم من تراب، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم، فالكتابة رسالة تفضي إلى تحرير روح الإنسان وعقيدته لتكون خالصة لله سبحانه وللإنسانية، والعدالة دائماً في طي النسيان.
فطبيعة الحياة المعاصرة وارتباطها المادي بكل ما موجود وحتى الوظيفة والعمل والمشاغل والصراع المستمر في هذه الحياة تحيلنا إلى عجلة دائرة، ويلتهمنا الوقت والأيام دون أن ندرك حجم الخسارات التي منينا بها ونحن نلهث وراء إنجاز هذه المهام، والعمل على توفير كل الاحتياجات الضرورية والكمالية على حد سواء، دون أن نتفاعل مع الطبيعة، أو مع أنفسنا وأحلامنا، أو نعيد ارتباطنا العاطفي والروحي مع أهلنا وأبنائنا، أو أن نسترخي قليلاً في الهواء الطلق ونستنشق الأوكسجين الحر بعمق، ونتأمل الكون بما أبدع فيه الخالق عز وجل، يقودنا احساسنا العميق بما نكتب ونسطر من التجارب والآمال! ولأن الكتابة تمنحنا القدرة على التأمل وإعادة اكتشاف أفكارنا وترتيبها بالشكل العميق والحاذق، وتعطينا الرغبة أيضاً بإعادة انتمائنا لهذا الوجود المقدس والفيض الإلهي، وكأن الكتابة تجعلنا نعيد تهيئة ذواتنا لنتفاعل مع الحياة والناس بشكل إيجابي، لذلك فهي علاج وحاجة نفسية وفن إبداعي يعيد الثقة بجوهر الكلمة وقوتها.