حسين علي الحمداني
مثلما للإرهاب ضحاياه، للفساد ضحاياه أيضاً، وضحايا الفساد أكثر مما يتوقع البعض وجرائم الفساد تتعدى المعقول من حيث إنها تستهدف الجميع من دون استثناء خاصة ما يتعلق منها بالبنى التحتيَّة والكثير من المرافق الأخرى، هذه الأمور جالت في خاطري وبالتأكيد كان هذا الحديث يدور في أذهان الكثير من المواطنين في هذا البلد
الذي خرج من دوامة الإرهاب ليدخل في بحر الفساد الذي كان من ضحاياه أطفال الموصل وغيرهم، سواء في المدارس أو الشوارع أو حتى الاستيراد العشوائي للسلع والمواد الغذائية والأدوية وغيرها.
من هنا نجد أنَّ الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب عندما يتم تحميل عبارة رديئة بأكثر من طاقتها ماذا يحدث؟
تغرق وتحدث الكارثة، وعندما يتم تبليطُ شارعٍ بمواصفات رديئة تكون النتيجة ضحايا للفساد، وعندما نهملُ ترميم المدارس وتكتظ الصفوف بالتلاميذ تحدث ضحايا نتيجة الأمراض المعدية التي تعاني منها مدارسنا، كل هذه جرائم تضاهي الإرهاب لأنَّ فيها ضحايا أبرياءً من جهة، ومن جهة ثانية هناك أمراء للفساد يحمون الفاسد ويدافعون
عنه.
وبالتأكيد هنالك خللٌ كبيرٌ في فهم منح الصلاحيات لمجالس المحافظات، هذه الصلاحيات التي تجعل المواطن لا يعرف من يتهم الحكومة الاتحادية أم مجالس المحافظات وشخص المحافظ بالذات؟ وحادثة عبارة أطفال الموصل كشفت الكثير من المستور الذي ما كان ليتحدث به الناس لولا هذه الكارثة التي صدمت العالم
بأسره.
لهذا نحن نحتاجُ لإرادة سياسيَّة قويَّة للقضاء على الفساد وهنالك تعاطفٌ شعبيٌّ كبيرٌ مع الحكومة الاتحادية في هذا الملف لأنَّ ما حدثَ في الموصل ناجمٌ عن فسادٍ كبيرٍ متهم فيه المستثمر الذي هو بالتأكيد تقف وراءه جهة سياسيَّة وأيضاً مجلس المحافظة الذي أهمل الجانب الرقابي بحكم المحسوبيَّة وغيرها من الأمور الأخرى، والبرلمان الاتحادي مسؤول أيضاً والذي عليه أنْ يعيد النظر بقوانين مجالس المحافظات
وصلاحياتها.
وبالتالي هنالك أكثر من ستراتيجيَّة وخارطة لمكافحة الفساد وعلينا أنْ ننتقل إلى مراتب لم نبلغها سابقاً في هذا المجال وتوحيد جهود الرقابة والمحاسبة والمفتشين وتنظيم عملها لتكون أكثر فاعلية. وهذا الكلام فيه خارطة طريق لمكافحة الفساد إذا ما توفرت الإرادة السياسيَّة لذلك، وهذه الخارطة كما شاهدتها تؤكد أنَّ مرحلة التلويح بفتح ملفات الفساد كلما اقتضت الحاجة لذلك من قبل هذا الطرف أو ذاك يجب أنْ نغادرها إلى مرحلة جديدة تتمثلُ بإحالة هذه الملفات للمحاكم وهي حالة لم تبلغها الدولة العراقية في السنوات الماضية إلا في حالات نادرة جداً ولم تكن نتائجها ذات بعدٍ كبيرٍ أو تأثير في القضاء على الفساد أو الحد منه على أقل
تقدير.
الجانب الثاني يتمثل بأنْ تأخذ الجهات الرقابيَّة دورها في محاربة الفساد، خصوصاً أنَّ هذه الأجهزة يُفترضُ أن يكون لها دورٌ كبيرٌ جداً في الحد من الفساد من جهة، ومن جهة ثانية أنْ تبتعد عن مفهوم الولاء للقوى السياسيَّة وألا تخضع للتحزب كي تتمكن من تنفيذ واجبها بشكل دقيقٍ وصحيحٍ.