كاظم غيلان
أن تكتب عن شاعرة وسط هذا الضجيج الذي يشهده شعر العامية العراقية في راهنه الملتبس – لاسيما أعلامياً ممثلاً بالفضائيات والمهرجانات- لهو أمر غاية في الاحراج ، أذ أنك ترد على اتهامات شتى طالت تجارب الشواعر الشعبيات والتي تبدو ثأرية بحكم هيمنة الفحولة المتوارثة في عقول أدمنت البداوة .
لهذه الشاعرة مميزات في تجربتها لربما تختلف تماماً عن نظيراتها ، فهي مسكونة بعالمها الخاص الذي تطل من خلاله على العالم الآخر الشاسع، تركيبة لم تكن مألوفة من قبل ( مسيحية الديانة جنوبية الهوى) مهووسة بوطنها رغم اغترابها القسري وهي تتنقل بين تركيا
وأميركا. الشعر وحده الذي أعانها في البوح عن أدق تفاصيلها وبجرأة فيها من خصب الموهبة ورهافة الحس مايعينها في الوصول للآخر – المتلقي فضلاً عن وعيها اذا ماعلمنا أنها تكتب شعر الفصحى الى جانب العامية:
(كلبي وابساتين جفنين وسؤال/بيا وكت تسكيني يلكلك مطر/ الغيم من تشيله ريح يسولف أعله الكاع بحجاية
مطر. ). في صراعات الذات وتشظي الروح يكون للرهان قدره الصعب ولولا الموهبة وحدها لما كان لها البوح قدراً كهذا الذي يتجسد في بحثها عن الغائب المفترض:
( أدورك بين الولايات صفنة ليل / وأدور بالرصيف أعيون / بلجن عين ظلت بيها صورة شوك من أبرد
تغطيني ) الغربة قدر صعب غير مألوف ، وبقدر صعوبة الأفلات من تعقيداته يقف قدر آخر في الضفة المجابهة أسمه الشعر كنوع من المناعة والمقاومة العالية لـ( الرياح السيئة) ، بوح من الألم والحنين، وأي بوح هذا الذي يعتمل في الروح الأنثى المسكونة بناقوس كنيسة وصلاة عذراء
وحناء ونذور:
(الغربه كل البيهه للمثلي رصيف / آنه بين أعيونكم والغربه عميه). ( حتى صوت الأغنيات أيخضر ابروحي نحيب /يابعيد أبروحي أشوفنك جريب )
( كمت أشد عيني أعله بيبان الليالي .. وأنتظرتك .. كل صبح ضحكات ورده ..
العيد أجاني )
قدرة الموهبة تكمن دوما في تمرد من يمتلكها على المألوف لغة وصورة وليس بذلك السرد الرتيب الذي لايثير فينا سوى الخمول ، ولذا فالشعر يقف بمقدمة الاختبارات الصعبة ليكشف لنا عن قدرات هذه
الشاعرة: ( أغفه بعين خرسه .. الدمع عنده ألسان ) / ( أسمع ريحتك لوجيت سولف بيهه ريح الهاب) ربما أغلفت الكثير في تناول مسلارات أخرى بتجربة فيان بغدادي الذس تستحقه وقد يتحقق ذلك في كتابة لاحقة أعتزازاً بتجربة لورصدت بشكل أدق لقالوا عنها الكثير ، وكل ماقلته هنا محدود بأصدارها الشعري
( خزرة فوانيس).