علي حسن الفواز
بدأ مُسلسل العقوبات الغربيَّة على روسيا يُثير جدلاً، ويضع الأوروبيين أمام مواقف وتداعيات قد تُهدد البنى الإنتاجية والخدماتية في الاقتصاد الأوروبي، لكن ذلك، وتحت يافطة "الهوس السياسي" ظل دافعاً للإصرار على تواصل تلك العقوبات، بقطع النظر عن تداعياتها، وعن انعكاساتها، وهو ما بدا واضحاً في رفض جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية القبول بفكرة تخطئة هذه العقوبات، مقابل الدعوة إلى فرضِ حزمٍ جديدة من العقوبات، والتي ستتضمن حظر استيراد الذهب الروسي، ومنع أشخاصٍ روس من الدخول إلى أوروبا، وتجميد أرصدتهم وممتلكاتهم في دول الاتحاد.
الطابع السياسي للعقوبات سيكون مدعاة للغلو في اتخاذ مواقف عنيدة، وفي إجراءات تعمد إلى التفكير بصناعة محاور صراعية، بمواجهة ما تتخذه روسيا من سياسات، ومن بحثٍ كبير عن حلول لمواجهة تلك العقوبات، ولعلَّ الاجتماع الذي عُقد في طهران بين رؤساء إيران وروسيا وتركيا يؤكد بعض تلك الخيارات، فضلاً عن البحث عن شراكات ستراتيجية مع دول أخرى، وعلى نحوٍ سيستدعي مزيداً من الضغط الذي ستمارسه الدول الأوروبية، على أصدقائها، وعلى الدول الأعضاء، وعلى الشركات والمؤسسات لإيجاد بيئة تحفيزية تساعد على خفض استيراد الغاز من روسيا، رغم أنَّ مشكلة الغذاء، واستيراد بعض المعادن الأخرى مثل النيكل ستظل قائمة، وستدفع بعض الشركات إلى التحايل على هذه العقوبات، وإلى فتح المزيد من الأسواق
السود.
حديث بوريل عن أنَّ العقوبات لن تمنع روسيا من إنهاء عمليتها العسكرية، سيكون دافعاً لمزيد من "التهييج السياسي" ولدفعِ الأوروبيين للذهاب إلى أقصى العقوبات، رغم حراجة عدم التزام بعض الدول بها، مع عدم وجود البدائل السهلة، فضلاً عما يتحقق على الأرض من معطيات عسكرية تؤكد سيطرة روسيا على كثير من المواقع، ناهيك عن محدودية نتائج المباحثات بشأن الموافقة على نقل القمح الأوكراني عبر موانئ البحر الأسود، وصعوبة تنفيذ أي اتفاق يخصّ زيادة توريد الغاز من أذربيجان إلى أوروبا..