افاد الاكاديمي الاقتصادي الدكتور عماد العاني بان النفقات الحكومية تشكل المصدر الرئيس لتقديم الخدمات الاساسية لاشباع الحاجات العامة التي نحتاجها في الوقت الحاضر، والتي على مقدارها يتوقف تحقيق التقدم الاقتصادي والرفاه العام للمجتمع.
اصلاح النفقات
بين العاني لـ” الصباح” ان “مستوى النمو يرتبط بشكل كبير بازدياد النفقات العامة التي تشكل جزءاً مهماً من دالة الانفاق الكلي، الامر الذي دعا العديد من الاقتصاديين الى اعطاء اهمية متميزة لها”.
وقال ان “الحديث عن موضوع اصلاح النفقات العامة يجب ان لا ينحصر في مجال تقليص الانفاق العام من الناحية الكمية فحسب، لان ذلك سيخلف آثاراً اقتصادية واجتماعية سلبية في المجتمع”، مؤكداً ضرورة ان تنصب جهود الاصلاح في موضوع اعادة هيكلة الانفاق العام اولاً ومن ثم العمل على توجيهه نحو الجهات التي من شأنها تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي” .
الانفاق الاستثماري
وتابع” في هذا الصدد يثار سؤال مهم وهو هل يتم استهداف الانفاق التشغيلي ام الانفاق الاستثماري في عملية اصلاح النفقات”؟. فنحن كاقتصاديين نقول ان “هناك تجارب للعديد من الدول تشير الى استهداف كل منهما الانفاق التشغيلي والانفاق الاستثماري، الا ان نصيب الانفاق الاستثماري في الحد من التوسع كان الاكبر لاسباب عدة، اهمها وجود التزامات على الحكومة كالنفقات الحاكمة في الموازنة العامة والمتمثلة بشكل خاص بتوفير نفقات البطاقة التموينية”.
واضاف العاني ان “خفض الانفاق التشغيلي في كثير من الحالات يؤدي الى الاضرار بالطبقات الفقيرة مثل تقليص الدعم في قطاعات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي ، وهذا ما يتعارض مع التوجه العام نحو تخفيض معدلات الفقر
والبطالة” .
وذكر بان “العراق بصدد التحول نحو تبني اقتصاد السوق من خلال الخصخصة (اي احلال القطاع الخاص محل القطاع العام) وتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي وزيادة تركيزه على الجانب الاجتماعي لتحسين نوعية الخدمات التي تقدمها لاشباع الحاجات العامة، لذا فان جهود الاصلاح يجب ان تنصب على زيادة كفاءة تخصيص الموارد من خلال تعزيز نظم الرقابة الادارية لضبط وتقليل الموارد المخصصة للانفاق التشغيلي غير المنتج او مايسمى بالصرف خارج الموازنة”.
تقنية الانفاق
أوضح العاني ان”هذا ما يقصد به تقنية الانفاق (اي استخدام التقنية الحديثة والاساليب المتطورة لتوزيع الاموال العامة بشكل افضل من خلال قياس المردود لهذا الانفاق) وبالتالي يتم تحويل الاموال من الانفاق غير المنتج الى الانفاق المنتج ذي المردود الاقتصادي والاجتماعي الذي يحقق رفاهية المجتمع”.
وأشار الى “أهمية ربط الالتزام بتقديم الدعم للسلع والخدمات نحو الفئات المحتاجة تحديداً ، والعمل على تحسين مستوى الخدمات الاجتماعية واسلوب توفيرها، فضلاً عن الاهتمام بالتنمية البشرية والبنى الاساسية ، ومن هنا فان تركيب الانفاق العام وهيكلة مستواه هو المهم في اصلاح الانفاق العام ، وذلك عند الحد الذي يتسق فيه الانفاق العام مع الاستقرار الاقتصادي ، وبناء على ذلك فان تدابير اصلاح قطاع المالية العامة تتضمن مجموعة معينة من الاجراءات الخاصة باصلاح سياسة الانفاق” .
تقليص الانفاق
ركز العاني على ان “اصلاح النفقات يتم على المدى القصير من خلال تقليص الانفاق الى الناتج القومي وتغيير بنيته من خلال تقليص او ازالة الاعانات المقدمة للمشروعات والمستهلكين واخضاعها لتقييمات ومعايير اقتصادية ومالية جديدة”، موضحاً “ضرورة هيكلة برامج الضمان الاجتماعي وترشيد النفقات الاجتماعية الاخرى لتنسجم مع التطورات والتغيرات الحاصلة في قطاع المالية وعملية الاصلاح الاقتصادي من جهة اخرى وتكون اهدافها تخفيض حجم الانفاق الكمي”.