حسين علي الحمداني
تحديات كبيرة تواجه العرب كشعوبٍ وزعماءٍ، وبالتأكيد إننا كمتابعين لا يمكن أنْ نجد في قمة تونس حلولاً لقضايانا القديمة منها والجديدة، خصوصاً أنَّ هناك أكثر من عشرين ملفاً نوقشت من قبل وزراء الخارجية والقادة العرب في قمة يمكن أنْ نسميها قمة التحديات التي تواجهنا، لا سيما أنَّ الرئيس الأميركي ترامب أضاف ملفاً جديداً لملفاتنا ألا وهو ملف ضم الجولان المحتلة للكيان الإسرائيلي، وهو تحدٍ كبيرٌ ليس لسوريا التي تعاني من الإرهاب بقدر ما انه تحدٍ للعرب بصورة عامة وهم ينظرون للأراضي تتسرب بهدوء، خصوصاً أنَّ عاصفة القدس كعاصمة لهذا الكيان لم تهدأ بعد.
لهذا نحن كمتابعين نتساءل ماذا يمكن أنْ يتحقق في القمة العربيَّة التي تستضيفها تونس؟ وهل هنالك توافقٌ عربيُّ لتجاوز هذه المرحلة؟ أم إنَّ هذه القمة ستكون عاديَّة جداً دون أنْ تبحث عن حلول ناجعة لمشاكل تتفاقم قمة بعد أخرى؟ وتزداد الدول العربيَّة التي تعاني من الإرهاب والحروب قمة بعد أخرى، خاصة أنَّ الخلافات العربيَّة – العربيَّة باتت اليوم السمة الأكثر بروزاً في المشهد العربي والإقليمي؟ وما يمكننا أنْ نُحصيه بين قمة الرياض عام 2018 وهذه القمة ثمة ملفات جديدة فرضت نفسها، أبرزها أحداث السودان والجزائر والغارات الإسرائيليَّة المستمرة على غزة، مضافاً لذلك كما أشرنا قضية الجولان وما تحمله من أبعاد خطيرة علينا جميعاً.
من هنا تأتي القمة العربيَّة بتوقيت أقل ما يقال عنه إنها يجب أنْ تكون بمستوى الأحداث العربيَّة لأنها تُعقدُ في ظرفٍ معقدٍ جداً يُحتمُ وجود رؤية عربيَّة متفقٍ عليها لتجاوز ما يمكن تجاوزه وتعزيز القواسم المشتركة بينها من دون البحث عن نقاط
اختلاف جديدة.
من هنا نجد أنَّ طبيعة الأحداث التي تمرُّ بها المنطقة تفرضُ على الحكَّام العرب أنْ يمتلكوا عقليَّة سياسيَّة جديدة تجعلهم أكثر قدرة على فهم وإدراك الأحداث بالشكل الذي يؤمن إيجاد حلول جذريَّة لمشاكل الدول العربية، خصوصاً أنَّ أغلب هذه المشاكل ناجمة عن تدخلات الدول العربيَّة نفسها وليست تدخلات خارجيَّة. وعلى سبيل المثال حرب اليمن وما يجري في سوريا وليبيا كل هذه الأحداث سببها الرئيس دورُ بعض الأنظمة العربيَّة فيها، وبالتالي يجب أنْ تكون هنالك عقلية جديدة للقمة العربيَّة والابتعاد عن القمم الكلاسيكيَّة وبياناتها الإنشائيَّة، لكنَّ المرحلة الحالية تتطلب نتائج واقعيَّة ملموسة على الأرض من جهة، ومن جهة ثانية أنْ تكون هناك ستراتيجيَّة عربيَّة غايتها الأولى بناء علاقات إيجابيَّة بين الدول العربية، خاصة أنَّ هذه العلاقات كما أشرنا شابها الكثير من التوتر في السنوات الأخيرة بين الكثير من الدول العربية وبالتالي المطلوبُ حالياً هو تنقية العلاقات العربية – العربية ووضعها على سكة صحيحة وسليمة وتجاوز العقد القديمة بما يؤمن نجاح القمم العربية التي عليها أنْ تصحح الكثير من المسارات من أجل خلق تجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر.