سعيدة لأنّي عرجاء!

اسرة ومجتمع 2019/04/05
...

شيماء عماد زبير
سمع الجمل الأعرج بسباق للجمال فقرّر المشاركة رغم عرجه، وتقدّم طالباً لتسجيل اسمه، فاستغربت لجنة التسجيل فقال: ما سبب الغرابة؟ أنا سريع العدو وقويّ البنية.. خافت اللجنة أن يتعرّض لسوء أثناء السّباق، فدخل السّباق على مسؤوليّته، وتجّمعت الجمال في نقطة الانطلاق، وسخرت الجمال من عرجه. فقال: سنرى في نهاية السّباق من هو الأقوى والأسرع. انطلقت الجمال كالسّهام، وكان الجمل الأعرج في آخر المتسابقين، صبر الجمل على عرجه، والتي سبّبت له الألم عند ركضه السّريع، كان على الجمال أن تتسلق الجبل ثمّ تعود، وكان الجبل عالياً ووعراً، والطريق طويلة، الجمال الفتيّة حاولت الصّعود بسرعة، فأصابها الانهاك، بعضها سقط من التّعب وبعضها قرّر العودة، أمّا الجمل الأعرج فكان يسير ببطء وقوّة،أكثر الجمال تراجعت قبل وصولها إلى القمّة. الجمال التي وصلت القمّة كانت قليلةً جدّاً، وكانت متعبةً فاستلقت لترتاح، أمّا الجمل الأعرج فسار بإصرار حتّى وصل القمّة، ولم يكن يشعر بالتّعب، فعاد مهرولاً بعرجه، والجمال المستريحة لم تنتبه إلا بعد وصوله إلى أسفل المنحدر، حاولت الجمال اللحاق به فلم تستطع، فكان أوّل الواصلين إلى نهاية السّباق، ونال كأس البطولة، وكان فخوراً جدّاً بعرجه. القصة تشبه الى حد كبير صاحب المبدأ في زماننا الذي اصبح اعرجاً من وجهة نظر الآخرين اللاهثين وراء الغاية تبرر الوسيلة والذين سقطوا في الصدع المجتمعي الكبير الذي اصابنا بسبب الكوارث والحروب التي كتبت علينا، وأصبح صاحب المبدأ او ( الأعرج) هو من عليه مسؤولية لم الصدع مع القلة من العرجان الذين معه ، في هذه الحكاية نَسيت الجمال السليمة او من تظن نفسها كذلك ان (الأعرج) لديه سحر الهدف وعزم العقيدة ورغم مطبات حياته وصدماته وانكساراته التي جعلته يبدو معاقاً ،  الا انه واثق جداً بما يريد الوصول اليه، ، رغم تخوف اللجنة على سلامته واللجنة هنا تشابه الى حد كبير دور الأهل والاصحاب ممن يؤمنون بنفس الهدف ولكن عاطفتهم تدفعهم لكبح طموح ( الأعرج) ، اما الجمال الفتية فهي الى حد كبير تشبه منتهزي الفرص المتلونين الذين يدمغون أنفسهم بدمغة يحملونها على جلودهم وجباههم في الدنيا والى يوم يبعثون فهي محفورة مسودة تفوح منها رائحة عفن الجثث المتفسخة، هذه الدمغة تشكل حروفاً اصطفت بنقشة الشيطان يجعلك تقرا بوضوح وتميز الكلمة انها كلمة (العار) عليهم فهم ما ادخروا مالاً حراما ولاعلاقات فاسدة الا واستخدموها لتجعلهم يهرولون صعودا مطمئنين للفوز وهاهم يتساقطون بتقادم الزمن وعقاب الله .  قد يكون صاحب المبدأ بطيئاً ولكنه قوي وهادئ وسيثبت ان الزمن كان اعرجاً لا هو ، وسيصل ويضحك عالياً، وسيتذكر كم كان الالم والضغط عليه كبيراً وكم كان صبره جميلاً وكم تعب ليحمي جبينه من تلك الدمغة المشؤومة وليصون أهله وعياله من بعده فلا يورثها لهم  فتاخذهم الناس بذنب وديهٍ لايد لهم فيها او في 
وزرها. 
اخيراً اعتقد على قلتنا سنردم الصدع ما استطعنا، لا أستطيع ان أصف لكم مدى سعادتي برفقتي مع العرجان  فجميعنا نحب بَعضنَا نحب اهلنا وفي داخلنا يقين الله والوطن نعمل في سلام داخلي يعمر قلوبنا ويفيض ابداعاً في عقولنا ويكسونا برداء المهابة وعلو الشأن وها نحن ننتظر إطلاق ضحكاتنا عاليا في الهواء ليسمع من بهم صمموا.