نشأت الشمري: فن الموزائيك يعود إلى الوركاء

اسرة ومجتمع 2023/01/07
...

  سرور العلي 

في استمرار لأحد ألوان الفنون يواصل نشأت الشمري عمله بفن الموزائيك «الفسيفساء»، وعبرت لوحاته الحدود، وتم شراؤها من قبل محبي الفن من مختلف الدول الأوروبية، وتمكن من بيع أول لوحة له في بريطانيا بسعر تجاوز الألف دولار، والشمري هو محاضر في إحدى المدارس، ويعمل ميكانيكيا للسيارات.

بيئة حاضنة 

وعن بداياته لفت إلى أن والده رسام، وهو منذ صغره عاش في بيئة فنية، حيث يرى الألوان الزيتية وقماش الرسم بشكل يومي، لهذا السبب أصبح لديه حب وشغف للفن بمختلف أنواعه، ففي بداياته كان يميل للنحت، وصنع مجموعة من المنحوتات البسيطة، وأيضاً لديه محاولات في الرسم، ولكنه لم يواصل ذلك، بسبب الدراسة والعمل وظروف البلد المتقلبة، وابتعاد المجتمع عن الفن، فلم يجد البيئة الحاضنة الكافية لمواصلة الفن. 

وأشار إلى أن في العام 2021 أقاموا دورة لفن الموزائيك داخل مساحة الإبداع بمؤسسة المحطة، وكان لديه معلومات عن هذا الفن، فسجل في الدورة التي كانت مدتها شهرين، بقيادة المدرب محمد العنزي التدريسي في كلية الفنون الجميلة، وهو فنان تشكيلي وأستاذ في الفسيفساء، لتكون نقطة التحول بحياته، إذ عاش في جو مملوء بالفن والفنانين، فعاد له الشغف وعمل لوحة على شكل كاربت «زولية»، وبعد انتهاء الدورة تم افتتاح معرض فني، وأعجب الحضور بلوحاته وتم شراؤها، ما شكل له حافزاً قوياً ليستمر، فقام بإبداع المزيد من الأعمال، وأصبح لديه هوس في تحويل الكاربت إلى لوحة من الموزائيك.


صعوبات 

ولم يقف عند هذا الحد، بل تكون لديه الفضول لمعرفة المزيد عن هذا الفن، فبدأ بالبحث وواجه صعوبات في الحصول على مواد الموزائيك في العراق، بسبب عدم توفرها، فقام بصناعة نوع من الحجر خاص به، وعمل جاهداً وبعد الكثير من المحاولات الفاشلة توصل إلى طريقة صحيحة لصنعه وعمل منه مجموعة لوحات، وكان ما يميز لوحاته هو الحجر، وصنع من هذه المادة الجامدة لوحة متحركة، فيها البعد الثالث وهو أسلوب خاص به، وشارك بعدد من المعارض الفنية والبازارات في بغداد.


شغف 

إضافة إلى أنه استمر في الرسم والفن التشكيلي، ورسم العديد من اللوحات ذات الطابع التراثي العراقي، وأيضاً التاريخي من حضارات وادي الرافدين، وبسبب حبه للتاريخ، لا سيما تاريخ العراق استثمر معرفته تلك، ومزجها في لوحاته، إضافة إلى استخدامه الكتابة المسمارية، مؤكداً أن الفنان بلا تاريخ ومعنى في أعماله ستجعلها عادية وليست مميزة، ونحن العراقيين لدينا تاريخ خصب وعظيم، ونحن الجيل الجديد مهمتنا هي نقل هذا التاريخ، بطريقة جميلة للأجيال القادمة وللعالم، لكي نغير الصورة النمطية، كما أن إلهامي هو تراث العراق، لذلك أسست أنا ومجموعة من الفنانين مشروعاً لإنتاج وتسويق الموزائيك أطلق عليه «دار الموزائيك»، وهو الأول من نوعه داخل البلاد، وهو في طور التوسع.

مضيفاً أن هذا الفن هو عالم جميل وأنيق، فيه إبداع وإلهام، ويمثل له كل شيء، ويستحق أن يعطيه من وقته، وهو فن يتلاءم مع مهاراته، فيدخل به النحت والرسم ومهارات اليد، كما أن عمله في السيارات صنع بداخله الإبداع، وإيجاد البدائل فلا يوجد مستحيل، ويحاول إيصال رسالة في أعماله، وهي أن العراق بلد المبدعين والمواهب، ولكن فقط هم بحاجة إلى الدعم والتشجيع، ليحفزهم على الإبداع، وعكس تاريخ وتراث البلد، وإيصاله للعالم. 


تحديات أخرى 

ومن التحديات التي واجهته أيضاً، هي جهل المجتمع بهذا الفن، برغم من أن أصله عراقي، إذ وجدت أول لوحة موزائيك في جنوب السماوة بمدينة الوركاء، كذلك اختفاء الذائقة الفنية، بسبب تعاقب الحروب والصراعات والأزمات على العراقيين، ما يجعلهم ينشغلون بتلك المصاعب، ويطمح إلى عودة الفن للبلاد، وأن يهتم الجيل الجديد به، وأن تكون له جدارية في العراق تحمل اسمه.