بغداد: وائل الملوك
السفر مع(شلة) الأصدقاء يمنح الشباب فرصة للتعرف على بعضهم بشكل أكبر، والانطلاق نحو الحياة بكل ما فيها من ايجابيات وسلبيات كي تصقل شخصياتهم وتقوى، من أجل الاستعداد لمواجهة كل الظروف، بعيدا عن رقابة الأسرة والتزاماتها التي تقيد حرياتهم وتطلعاتهم احيانا، وتضعهم تحت حمايتها بصورة دائمة.
الأمر الذي قد يبطئ من عملية تفاعلهم واندماجهم بالواقع ومتطلباته بجميع أنواعه.
يؤكد نصير العبيدي ما تعلمته من والدي اسعى لنقله لولدي، من خلال إعادة تجربته التي لقنها لي في مرحلة النضج، فالطفولة مرحلة لا بدَّ من إشراف الأهل عليها بالشكل الصحيح، اما عمر الشباب فيحتاج إلى إعطاء الدافع المعنوي، وحتى المادي لفترة الاعتماد على النفس، باستذكاره مقولة لوالده "لن تكون رجلا حتى تغامر"، لذا أنني دفعت ولدي محمد البالغ من العمر 20 عاماً إلى السفر مع أصدقائه، حتى يتعلم من تجارب الحياة ومن رفقة من يختارهم ملائمين له ويشبهونه بالتربية والأخلاق، وكذلك الاهتمامات والميول مضيفا: سمحت له العمل في مهن عديدة بسن الـ16 عاما، كي يندمج بالمجتمع ويتعرف على الناس بمختلف معادنهم.
اما احمد جبار مهندس حاسبات، اشار إلى أن التربية الصحيحة هي أساس ما يفعله الأبناء طوال حياتهم، وخصوصا وسط هيمنة التكنولوجيا الحالية على عقول الأطفال والشباب، قائلا: بعد دخولي الكلية تفاجأت عندما طلب مني والدي السفر أول مرة لزيارة أقربائي في مدينة العمارة لإيصال امانة له، وبعد فترة فاتحته برغبتي بالسفر مع أصدقائي للذهاب إلى سامراء ومشاهدة الملوية لم يمنعني، بل دعمني للاستمرار في الاطلاع على أثار البلد وزيارة الأماكن السياحية رغم رفض والدتي للفكرة خوفا علي، لكن بعد حين اكتشفت بأن والدي كان يتابعني عن بعد، وبصراحة ذلك الأمر أسعدني جدا، وبعث في نفسي شعورا كبيرا من الاطمئنان، لذا لا يمكن أن أنسى فضل والدي ودوره بمساعدتي في إدراك الحياة، بحيث أصبحت استطيع التعامل مع الغير دون خوف، لا سيما بعد أن فسح المجال لي كي أتواصل بالسفر مع الأصدقاء، فكانت تجارب حية ساهمت ببناء ذاتي وعملت على تطوير شخصيتي بشكل واضح.
بينما يجد ليث نعمان أن السفرة مع الأصدقاء هي المفضلة لدى أغلبية الشباب، لأنها تمنحهم شيئاً من الحرية للتجمع معا والقيام بنشاطات واهتمامات تناسب أعمارهم وطبيعتهم، وتوفر لهم فرصة اتخاذ القرارات بخصوصها، لربما لم يحصلوا على هذا الدور لو كانوا برفقة أسرهم، حيث يتحدد لمراعاة افرادها كل حسب وضعه طبعا.
وترى أنعام عبد الله ليس دائما مسموحا للشباب الخروج بسفرات مع أصدقائهم لأإنها قد تسبب مشكلات عديدة لهم، جراء اختلافهم عن بعضم بالمزاج والطباع أحيانا، وكذلك البيئة التي نشؤوا فيها، مضيفة، حقيقة يساورني القلق كلما عرفت أن هناك سفرة مقبلة لابني مع أصدقائه، لأني لا أريد له أن يصطدم بالبعض منهم ويخسر صداقته معهم، خاصة أن السفر يكشف الناس على حقيقتهم، حيث تظهر العيوب والحسنات ايضا.
وتختتم عبد الله أنه لا يمكن نكران ايجابيات سفرة الشباب معا، فهم بعدها يصبحون بارعين بإعداد الطعام لهم، ويتقنون ترتيب أغراضهم وحاجياتهم، حتى لو كانت تلك الأشياء متعبة، فهي مسلية وممتعة بالنسبة لهم، وتترك اثرها واضحا في ما بعد على سلوكهم بالبيت، وذلك ما يخفف العبء عن الأهل نوعا ما عندما يتحملون مسؤولية الاعتماد على انفسهم بالتفاصييل الصغيرة على الأقل.