إلغاء الضريبة الحكوميَّة.. قرارٌ صائبٌ يعيد خدمة الاتصالات إلى الواجهة

ريبورتاج 2023/01/10
...

   وليد خالد الزيدي 

يعد قطاع الاتصالات من ضروريات حياة العالم المعاصر، وواجهة واسعة للتطور التقني في تكنولوجيا المعلومات على مستوى الحكومات، والأفراد بعد أن استوعبت المجتمعات الأنظمة الخاصة بها وأصبحت منذ عقود سمة بارزة في العلاقات الدولية، لكنّها جاءت إلى العراق متأخرة بسبب الأوضاع، التي كانت سائدة في البلاد قبل التغيير السياسي عام 2003، لكن بعد ذلك غدت من ضروريات حياة العراقيين، فنادرا ما يخلو منزل عراقي، من جهاز أو اكثر للاتصالات الخاصة بالمكالمات الشخصية أو منظومة شبكة الاتصالات الدولية الانترنت وبرامجها المختلفة.

ويذكر أن الحكومة تعاقدت مع شركات أجهزة الهاتف النقال مثل "آسياسيل وزين وكورك"، فضلا عن شركات شبكة الانترنت الدولية، لخدمة المشتركين فيها، لكن مستوى تلك الخدمة تباين بين الجيد والرديء لأسباب عدة، إضافة إلى ارتفاع أسعار اشتراكاتها الشهرية، وضريبة 20 بالمئة، التي فرضتها الحكومة على الشركات عام2015، فتضرر منها المشتركون، لكن الحكومة الحالية قررت إلغاء تلك الضريبة لتحقيق خدمة أفضل وأرخص. 

"الصباح" استطلعت آراء مواطنين مشتركين في تلك الخدمة لبيان انطباعاتهم بشأن هذا القرار.


  ضررٌ كبيرٌ  

يشير حسن عبد مشترك من منطقة معامل الحسينية شرق بغداد إلى أن مثل هكذا قرار يهمُّ المستفيدين في خدمة الاتصالات، وهو إجراء وطني ينعكس بصورة ايجابية على المستوى الشعبي يتمنى تنفيذه بشكل سليم.

ويقول عبد في حديثه لـ(الصباح):

" إن الغاء ضريبة الـ 20 بالمئة السابقة قرار مهمٌ جدا، ومسألة تنفيذه تهم شريحة واسعة من المجتمع، ويعبر عن إرادة شعبية، ولأن الخدمة كانت ذات كلفة مرتفعة والضريبة أضرّت بالمشتركين وليس بشركات الاتصالات، سواء كانت للهواتف النقالة أو لشبكات الانترنت".   

ويضيف عبد لقد شعر المواطنون بغبن، من قبل ادارات شركات الاتصالات، التي لا يهمها سوى تحقيق ارباح على حساب مصلحة المشتركين بخدماتها، على الرغم من بلوغ عدد مشتركيها عشرات الملايين ومعظمهم من أسر محدودة أو معدومة الدخل الشهري، لكنهم بحاجة لتلك الخدمات المهمة وبشكل يومي مستمر, مبينا أن بعض أصحاب الابراج قللوا مبلغ الاشترك من(40) ألفاً إلى(38)، ومن(50) ألفاً إلى(45)الف دينار فقط.  


 دوامة

الصحفي مهدي العكيلي قال في حديث لـ"الصباح" أصبح حالنا كمن يعطى الشيء بيده اليمنى ويؤخذ اكثر منه من اليسرى، لأننا نعيش في حيرة من أمرنا، فكلما يخفض سعر إحدى الخدمات يرتفع سعر أخرى فبعد أن قررت الحكومة الغاء ضريبة الاتصالات، فوجئنا برفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي، وتلك دوامة يعاني منها أبناء الشعب الذي أغلبه من أسر فقيرة.

وأضاف العكيلي قبل أن ننعم بخفض أسعار الاشتراكات الشهرية، لشبكات الانترنت وكلف تعبئة أو شحن الهاتف النقال ارتفعت أسعار بعض الحاجات الأساسية، في السوق المحلية وتلك قضية معروفة للجميع، سواء كانوا مسؤولين حكوميين أو مواطنين بسطاء, مبينا أن القرار الحكومي هذا مبادرة طيبة لكن من جانب اخر هناك من يقفز عليه، ويقلل من أهميته وفائدته لعموم الناس.

تنويع وتحسين 

وشددت المواطنة باريس علي العزاوي(25) عاما صاحبة صالون لتجميل النساء في أربيل على ضرورة تنفيذ هذا القرار بشكل متكامل، لكونه قد يسهم بتخفيف معاناة المواطنين جراء ارتفاع اسعار كلف خدمة الاتصالات، خلال الفترة الماضية في عموم مناطق العراق.

وتضيف العزاوي أن مثل هكذا قرار يدخل ضمن اطار الدعم الحكومي، لعموم المواطنين، لا سيما أفراد الطبقات البسيطة وأصحاب الدخل الشهري المحدود، وهم المشتركون في تلك الخدمات، التي اصبحت ضرورية وليست كمالية، ويحتاجها كل مواطن في حياته اليومية.

وبينت أنه يمكن لكل مواطن في حال تنفيذ القرار، أن يوسع فائدته من قطاع الاتصالات في البلاد، لكونه سيعطي فرصة للمشترك لشراء أكثر من رصيد واحد خلال الشهر, فضلا عن إمكانية امتلاكه عدة خطوط، بدلا من الاعتماد على خط واحد فقط ، وهذا الأمر بدوره سينعكس بصورة ايجابية على المشترك في تنويع وتحسين الخدمة له، وعلى شركات الاتصال بزيادة مشتريات المشتركين من أرصدة الشحن لديها وخطوط اضافية خلال فترة قصيرة.


التفاف على القرار

المشترك امير حسن عبود (49) عاما من محافظة ميسان، يعمل كاسباً ويؤكد أهمية اقتران هذا القرار باجراءات تلزم أصحاب الشأن بتنفيذه بشكلٍ واف، وإن قرار إلغاء الضريبة المفروضة على شركات الاتصالات هو عين الصواب، ويأتي لصالح المستفيد المشترك في تلك الخدمة، لكن من الضروري تطبيقه بشكل إلزامي من قبل الشركات المعنية، والوكلاء المعتمدين لديها من باعة ارصدة الهواتف النقالة واصحاب ابراج شبكات الانترنت.

ويلفت إلى أنه بعض باعة الأرصدة ووكلاء الشركات روّجوا لعدم وجود تخفيضات في كلف الخدمات، متعكزين على ارتفاع  سعر صرف الدولار، مقابل الدينار العراقي، لذا يجب أن تكون هناك اجراءات رادعة وواضحة للحد من الأساليب الملتوية لبعض اصحاب النفوس الضعيفة، وبالفعل ظهرت بوادر الالتفاف إلى القرار، وأخذنا نسمع عن احتمال زيادة كلفة اتصال الدقيقة الواحدة من(120) دينارا الى(250) دينارا.


  شكوكٌ مشروعة  

يقول المواطن ابراهيم يونس( 51)عاما من منطقة دوميز جنوب شرق الموصل لـ(الصباح):

إنَّ "إصدار هذا القانون يدخل ضمن قرارات حكومية، لصالح الطبقات الفقيرة، لكنه يبقى محل ريبة حيث يراودنا الشك وهو امر طبيعي في ظل ظروف شهدها العراق، خلال فترات ماضية بسبب فقدان ثقة المواطن بأي قرار لمصلحة عامة، عطفاً على قرارات سابقة".

مضيفا أن مسألة ضمان تشغيل تلك الخدمة بشكلٍ سلسٍ وآمن غير كافٍ، حيث يجب أن يتضمن ايضا خدمة متاحة لجميع المشتركين ولفترة أطول، وهذا لم يحدث إلا من خلال تخفيض أسعار الاشتراك فيها، فضلا عن إرساء قواعد تشغيل مستمرة ومعايير تقنية سليمة، تضمن جودة الربط المحلي بالشبكات المحلية والخارجية مع دول الجوار، وهذا يجسّد قدرة الحكومة على خدمة أبنائها للتواصل مع ذويهم أو أصدقائهم خارج البلاد.


حاجة ماسة 

وتوضح الموطنة مريم جمعة (36) عاماً من مدينة الكوت أن قرار تخفيض أسعار خدمات الاتصالات قرار صحيح للتخفيف عن كاهل المشتركين، وحتى الموظفين أصحاب الرواتب المحدودة، وتتابع حديثها: 

إن الراتب المحدود لزوجي الموظف يجعلنا نعاني من قلة ميزانيتنا المالية الشهرية، ومن شراء كارتات أرصدة (الموبايل) لكن بعد هذا القرار، يمكننا شراء اكثر من رصيد شهري والاشتراك ايضا بشبكة الانترنت وهو ما كنا بحاجة له".      


فوائد

 ويقلل رعد حميد (49) عاماً صاحب محل لبيع ارصدة شحن الهاتف في حي البلديات، ببغداد من فائدة اصحاب محال بيع الارصدة من هذا الاجراء, قائلا :

إنَّ "أصحاب محال بيع كارتات شحن أرصدة الهواتف، لم يستفيدوا كثيرا من هذا القرار لأنهم مجرد وسطاء بين شركات الهواتف النقالة والمستخدم لتلك الخدمة".

واضاف حميد هناك فائدة لا بدَّ من التطرق لها، وهي لمستخدم تلك الخدمة، حيث بإمكانه أن يزيد من عدد مرات شرائه لأرصدة شحن الموبايل، ونحن بدورنا سوف تكون لنا فائدة بسيطة من تلك المسألة، حيث ستزيد مبيعاتنا من تلك الأرصدة، عطفا على زياة مشتريات المستخدمين، لقلة أسعارها، وهي ناحية أكثر فائدة للمستهلك بشكل كبير، ولنا بقدر أقل من ذلك, موضحا أن هذا القرار ينعكس بشكلٍ ايجابي على أصحاب ابراج شبكات الانترنت أيضا، لأن كلفة الاشترك الشهري من الشركات التي يتعاملون معها أصبحت قليلة، وهذا حتما سينعكس ايجابيا عليهم، فرخص قيمة الاشترك سيزيد عدد المشتركين لديهم.


ضوابط 

أحمد اسامة (29) عاما تقني اتصالات من بغداد أشار إلى أن التحكم في تسعيرة الاتصالات يعني فرض ضوابط حكومية ملزمة للشركات لتحديد اسعار الاشتراكات وهو شيء ممتاز.

وأضاف أحمد أن مسألة تقليل أسعار كلف خدمة الاتصالات على مشتركين محدودي الدخل تكون لا فائدة منها، حينما ترتفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي،حيث يستفيد الناس في مجال بينما يتضررون في مجالات أخرى.


 عقوباتٌ مشددة

من جهتها فندت هيئة الاعلام والاتصالات خبر زيادة اسعار دقائق الاتصالات، محذرة شركات الاتصالات من مغبة مخالفة قرار الحكومة بإلغاء ضرائب بطاقات التعبئة وبعقوبات صارمة.

وقال رئيس الهيئة علي المؤيد في تصريح سابق:

إنَّ "القرار لصالح المواطن ونخطط لتطوير الخدمة في الأشهر المقبلة، لذا شكلنا غرفة عمليات مع شركات الاتصال، لابلاغ وكلائها بعدم زيادة السعر، وما حصل من زيادة بأسعار كارتات التعبئة حالات استثنائية حدثت بأسواق أقضية ونواح نائية, مضيفا: فرقنا الجوالة والأمن الوطني يتعاونان لحل هذا الموضوع، ونطالب المواطنين بالإبلاغ عن المخالفين للقرار بالاتصال بالرقم(177)، أو أرقام الأمن الوطني التي لا يمكن إهمالها.