بشكر حاجم الصالحي
هل ما زال البلبل الفتان يطير في البستان وهل ما زال ذلك البلبل يغني على الأغصان بأعذب الألحان؟ رحمك الله أيها الشاعر الذي أبدع لنا أجمل نصٍّ موجه للأطفال ما زالت تردده آلآف الشفاه في صباحاتهم العراقيَّة الملتبسة.
رحم الله باقر محمد محمود سماكه الحلّي الذي ينحدر من قبيلة ربيعة العراقيَّة المولود في محلة الورديَّة في جانب الحلة الصغير عام 1921، وهو ابنٌ بارٌّ لأسرة كريمة ووالدٌ تفقه في علوم الدين فذاع صيته في مدن البلاد كلها، وعمُّ شاعرنا باقر العلامة الشيخ علي سماكة من العلماء النابغين في العلوم الدينيَّة ومن هذه الأسرة الربيعيَّة الحلّيَّة العشرات من الأعلام الذين يشار لهم، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر المرحوم عدنان سماكة المؤرخ الباحث، الأستاذ علي سماكة لاعب كرة السّلة المعروف.
نشأ شاعرنا باقر سماكة في بيت أدبٍ، وتعلّم على يد والده دروس اللغة العربيَّة فأتقنها وبعد إكماله الدراسة بمراحلها الثلاث، تم تعيينه أميناً لمكتبة الحلة العامَّة، فزادته المكتبة المعرفة من خلال انكبابه على القراءة
والدرس.
سافر الى بيروت وفيها حصل على الليسانس في الأدب العربي ليزاول التدريس في ثانويَّة الحلة، وفي العام 1955 سافر الى اسبانيا للدراسة حتى حصل على الماجستير والدكتوراه في الأدب الاندلسي وعاد الى وطنه العراق عام 1958، ليقوم بتدريس اللغة الاسبانيَّة في معهد اللغات العالي.
كتب الشاعر باقر سماكه الكثير من الأشعار الجميلة التي ترجمت الى اللغات الأجنبيَّة مثل: الألمانيَّة والروسيَّة والاسبانيَّة، وله هذه القصيدة الخالدة التي منها:
البلبل الفتّـــــــــــــان يطير في البستان
غنّى على الأغصان بأعذب الألحـــــان
وأنني فرحــــــــــان بصـــــــــوته الرنّان
ومن آثاره المطبوعة وإصداراته المهمة: (دراسات في الأدب العباسي، (من حصاد الثورة/ شعر/ 1959، (أسرار/ شعر/ 1963، (من وحيك باليبيا/ شعر / 1969، (نسمات الفيحاء/ شعر / 1970، (قصائد الثورة والتأميم/ شعر/ 1975، (هل تذكرين/ شعر/ 1977).
ومن أجمل ما كتبه الشاعر الراحل باقر محمد محمود سماكه قصيدة في تكريم الشاعر العربي نزار قباني قالها سماكه في سنة 1962 بعنوان (حبات النهود) اقتطف منها هذه الأبيات الرائعة:
حسب القوافي البكر أنت نزارها
وكفا رياض الحب أنت هزارها
حسب الليالي البيض زهواً أنها
من خمر شعرك تنتشي أشعارها
بغداد قد خفّ إليك مـــــــــشوقة
وحنا عليك بوردة آذارها
فبكل بيت من قدومك فرحة
تبدو على زهراته آارها
وأخيراً رحم الله شاعرنا الكبير باقر سماكه الذي انتقل الى جوار ربه عام 1984، وبذلك انطوت صفحة هذا المبدع الذي لم ينل الاهتمام الذي يتناسب مع ما قدمه من جهودٍ في الصحافة والشعر والدرس الأكاديمي والمواقف الوطنيَّة الراسخة.