الرياضة.. رسول محبّة وتفاؤل

ولد وبنت 2023/01/14
...

في افتتاحٍ متميزٍ مبهرٍ، احتضنت البصرة الفيحاء خليجي 25، وسط تدفق محبي الدول المشاركة الذين استقبلهم أهل البصرة بلافتة كُتبَ عليها (هلا بيكم.. عين فراش وعين غطا).. ابتدأ بحكايات اسطوريَّة من ألف ليلة وليلة ومؤثرات بصريَّة رسمت مجسمات تاريخيَّة لحدائق بابل المعلقة وبوابة عشتار وإنجازات حضارات العراق وما قدمته للبشريَّة، وعرض مجسمات لصروح الدول المشاركة مثل مجسم جامع الشيخ زايد في أبو ظبي ومجسم أبراج الكويت.. ليسجل خليجي 25 في البصرة أنَّه الأجمل، والأمتع، والأبهر في تاريخ البطولة.

ما يعنينا هنا ما تفعله كرة القدم سيكولوجياً في الناس بعد أنْ أصبحت هي الرياضة الأكثر شعبيَّة في العالم، وأنَّها تسهمُ في التغيير من جودة الحياة ،وتشجع على التواصل الاجتماعي، وتؤثر إيجاباً في المجالات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة وحتى الدينيَّة، بما تتمتعُ به من قوَّة فريدة في التقريب بين الأشخاص المختلفين دينياً وطائفياً وعرقياً ومناطقياً.

عالمياً، أثبتت كرة القدم أنَّها يمكن أنْ تكونَ رسولَ محبةٍ وإخاءٍ بين الشعوب، يمكنها أنْ تعلّمَ الناس كيف يتعارفون، وكيف يأتلفون، وكيف تثير فيهم مشاعر واحدة تتجاوز فروقاتهم البشريَّة. بل ذهب كثيرون الى القول بأنَّ الرياضة تعلّم الناس مهاراتٍ تساعدهم في إضفاء التعايش وحلّ الصراعات بالطرق السلميَّة.

الأروع.. أنَّ هناك من يذهب الى أبعد من ذلك بقولهم إنَّ كرة القدم أصبحت علاجاً لأمراض الشعوب، بعد أنْ كانت تثير المطاحنات والحروب، ويستشهدون بحرب الجارتين في أميركا الوسطى: هندوراس والسلفادور، التي انتهت بآلاف القتلى والمشردين في العام 1969؛ لكنها تحولت لا سيما في أميركا اللاتينيَّة وأفريقيا الى علاجٍ فعالٍ لمساعدة آلاف الشباب في المناطق الموبوءة بالجريمة والصراعات المسلحة، للتخلص من العنف والمخدرات، كما في البرازيل والمكسيك وكولومبيا والسلفادور وغرب أفريقيا؛ بل إنَّ كاهناً كاثوليكياً في هندوراس هو «ألبرتو غوتشي» فضّل أنْ يبني ملعباً في بلدة تعاني من تهريب المخدرات وعنف العصابات، كوسيلة لتآخي الشباب.

حتى «اليونيسكو» اعترفت بأنَّ الرياضة تشكل «أداة قويَّة لتوطيد الروابط والشبكات الاجتماعيَّة، ولتعزيز المُثل العليا للسلام والأخوة والتضامن واللاعنف والتسامح 

والعدالة».

هنيئاً للعراقيين بخليجي 25، فبه أحيوا ما هو جميلٌ في الشخصيَّة العراقيَّة، وأعادوا لأربعين مليوناً مشاعر التفاؤل بغدٍ يليقُ بوطنٍ يمتلك كل المقومات لأنْ يعيش أهلُه برفاهيَّة وكرامة.