أميركا تعود الى القمر بـ {كل الوسائل الضروريَّة»

علوم وتكنلوجيا 2019/04/06
...

واشنطن/ أ ف 
سرّعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشاريع إعادة رواد الفضاء الأميركيين إلى القمر ليصبح الموعد الجديد في 2024 بدل 2028، غير أنَّ هذا التحدي الطموح يبدو صعب التحقيق كما يرتب أخطاراً جدية على وكالة ناسا.
 
إطار زمني صارم
وقد سعت الولايات المتحدة خلال السنوات الـ 15 الماضية إلى إعادة إرسال روادها إلى القمر، لكن “ناسا” لم تعتقد أنه يمكن القيام بذلك قبل العام 2028، إلى أن حددت حكومة دونالد ترامب موعدا جديدا لهذه الرحلات وهو في العام 2024.
لكن هذا الإطار الزمني صارم وسيجبر وكالة الفضاء الأميركية على قلب ممارستها المعتادة وتحمّل أخطار جدية.
وكان رئيس ناسا جيم برايدنستاين قال قبل أسابيع قليلة إن الولايات المتحدة ليست في أي سباق فضائي مع أحد. إلا أنه أجبر على تغيير ذلك بعدما قال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إن ناسا سترسل روادا إلى القمر مجددا بحلول السنوات الخمس المقبلة “باستخدام كل الوسائل الضرورية”، مضيفا “نحن في سباق فضائي اليوم (مع الصين)”.
ويقول برايدنستاين الآن إن تسريع الجدول “صعب” لكنه قابل للتنفيذ. ويعتقد خبراء في هذا القطاع ومسؤولون أن إرسال رواد إلى القمر بحلول العام 2024 ممكن، لكن مع قائمة من المحاذير: هناك حاجة إلى مزيد من المال وعدد أقل من الاختبارات ومزيد من المساعدة من القطاع الخاص.
 
مزيد من المال
تزعج فكرة تخصيص مزيد من الأموال لناسا بعض أعضاء الكونغرس.
فقد أنفقت الوكالة 23 مليار دولار لتطوير صاروخها الثقيل الجديد (اس ال اس الذي تشارك في تطويره شركة بوينغ)، وكبسولة أوريون لنقل رواد الفضاء (التي طوّرتها لوكهيد مارتن) إضافة إلى المنشآت الأرضية.
ومنحها الكونغرس 4 مليارات دولار للعام 2019.
وأصبحت كبسولة “أوريون” جاهزة تقريبا لكن الصاروخ الذي سيكون أقوى من الصواريخ المستخدمة في مهمات “أبولو” إلى القمر، لن يكون جاهزا في موعده المقرر أساسا في العام 2020.
وفي منشأة تابعة لناسا في نيو أورلينز، لا تزال المرحلة الأولى من النموذج الأولي للصاروخ الثقيل التي من المتوقع أن تنطلق العام المقبل، قيد التجميع.
وبعد الانتهاء من تلك المرحلة الأولى، من المفترض نقله عن طريق ناقلة بحرية إلى سانت لويس للاختبار قبل إرساله إلى فلوريدا للتجميع النهائي.
لكن محركاته الأربعة لم تسلّم بعد.
وفي سؤال عن اختبار الطيران المزعم إجراؤه في حزيران 2020 قال برايدنستاين “لا أعتقد أن ذلك وارد”. ومن الممكن أن تلغى بعض اختبارات المحركات بهدف كسب الوقت.
لكن هذا الأمر من شأنه أن يغير ثقافة العمل المحافظة المستمرة منذ فترة طويلة في ناسا التي لا تزال تعاني من كارثتي المكوكين الفضائيين “تشالنجر” و”كولومبيا” في العامين 1986 و 2003.
وقالت هولي غريفيث وهي مهندسة أنظمة مركبات تعمل على كبسولة “أوريون” في هيوستن “هل تريدون التسبب بمقتل رواد الفضاء؟ لأنه بهذه الطريقة ستقتلونهم”.
وأضافت لوكالة فرانس برس “لا داع لتقديم موعد الرحلات إلى القمر (...) إنه أمر سخيف”.
 
في حاجة إلى مساعدة
يحمل إعلان بنس أهمية سياسية، فالعام 2024 سيكون الأخير من ولاية ترامب الثانية (إذا أعيد انتخابه) في البيت الأبيض.
وقال غريغ أوتري نائب رئيس قسم التطوير الفضائي من الجمعية الوطنية المستقلة للفضاء “شعرت الإدارة بالاحباط بسبب عدم إحراز تقدم في العودة إلى القمر”.
فإذا، لماذا استغرقت العودة إلى القمر وقتا طويلا، فبعد كل شيء نيل أرمسترونغ حقق ذلك الإنجاز البشري قبل 50 عاما.
وأوضح أوتري أن ناسا “تريد أن تكون متأكدة 100 % من أن العملية ستكون آمنة”. كما أن هذه الرحلة ستكون مختلفة تقنيا عن رحلة “أبولو”.
فهذه المرة، يتطلع الأميركيون إلى إنشاء بنية تحتية دائمة على مدار رحلات عدة، سواء في المدار أو على سطح القمر.
وعلى جدول أمالهم أيضا، تعلّم استخراج المياه المجمدة من القمر. كذلك، ستتم مهمات غير مأهولة لبناء “بوابة القمر” في مناطق مجاورة له ونقل معدات.
وكل ذلك سيكون بمثابة استعدادات للمهمات إلى المريخ. أما العنصر الجديد الآخر فهو أن ناسا تريد الهبوط في القطب الجنوبي للقمر حيث اكتشف وجود للمياه، وليس على خط اعتداله حيث هبطت مهمة “أبولو”.
وبهدف أن تصبح مهمة العام 2024 واقعا، ستحتاج ناسا إلى الاعتماد بشكل كبير على شركات الفضاء الخاصة.
 
إنعاش ناسا
ومنذ الأشهر الأولى لتوليه الرئاسة، أعرب ترامب بوضوح عن نيته إنعاش وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) التي تعاني منذ العام 2011 بسبب سحب المكوكات الفضائية الأميركية من الخدمة.
وكان ترامب حدد في العام 2017 هدف العودة إلى القمر معتبرا أنه خطوة أولى قبل الانتقال إلى استكشاف البشر للمريخ.
ووضعت الناسا بعد ذلك برنامجا زمنيا لتسيير مهمة مأهولة إلى القمر في العام 2028.
وقال بنس الذي يرأس المجلس الوطني للفضاء في البيت الأبيض “هذا لا يكفي. نحن أفضل من ذلك. احتجنا إلى ثماني سنوات للوصول إلى القمر المرة الأولى قبل خمسين عاما عندما كانت هذه تجربتنا الأولى في هذا المجال”.
وأضاف “لا نحتاج إلى 11 عاما الآن للعودة” إلى القمر.
وانتقد بنس في كلمته “الشلل البيروقراطي” الذي أدى إلى عمليات التأخير في تطوير الصاروخ الثقيل ودعا إلى “ذهنية جديدة” في وكالة الفضاء ألأميركية.
وشمل الانتقاد ضمنيا شركة “بوينغ” التي تصنع الصاروخ “أس أل أس” الذي كان من المقرر أن يجرب للمرة الأولى في العام 2020 إلا ان وكالة الناسا أعلنت قبل فترة قصيرة أنه لن يكون جاهزا لهذا
 الاستحقاق.
وأكد بنس أن “التحرك السريع ينبغي أن يكون شعارنا. فالاخفاق في تحقيق هدفنا بعودة رائد أميركي الى الفضاء في السنوات الخمس المقبلة ليس خيارا مطروحا”.
وقال إن الولايات المتحدة في عهد ترامب منخرطة “في سباق فضائي” مع الصين هذه المرة، تماما كما كانت الحال في الستينيات في عهد الرئيس جون كينيدي مع الاتحاد السوفياتي.