التظاهرات واستجابة الحكومات بين الشرعيَّة والمشروعيَّة

آراء 2023/01/16
...

 ايات مظفر نوري 


تعد التظاهرات الشعبية السلمية مظهراً حضارياً ودستورياً للتعبير عن رأي أو حاجة للشعب أو لفئة منهُ، بغية إرسال رسالة أو عدة رسائل لصناع القرار ومتخذيه لمعالجة ما خرجوا من أجله، وهذا مسار ديمقراطي يكسر الحواجز البيروقراطية بين الشعب والسلطات التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية، إلا أن الرد الحكومي وربما التشريعي يأتي بمسارين لا ثالث لهما 

اما الاستجابة السلبية أو الاستجابة الايجابية (الانتقائية)! ومن وجهة نظري كلتا الحالتين هي ممارسات خاطئة، وفيها ظلم لفئات على حساب فئة معينة وهي (فئة المتظاهرين) واستند في وجهة النظر هذهِ إلى المعطيات الآتية:

1 - خروج المتظاهرين من اجل توفير فرص عمل هو مطلب أوسع من فئة الخارجين للمطالبة، فكثير من الخريجين لم يخرجوا لأسباب عديدة، إلا أن لديهم الرغبة في الحصول على وظيفة، لذلك تعد هذهِ الفئة المتظاهرة معبرة عن تطلعات جميع الخريجين من الاختصاص ذاته.

2 - استجابة الحكومة استجابة سلبية أدت إلى بروز ظاهرة شعبية منددة بالسلطة وافقدتها (المشروعية) في مرحلة السيد عادل عبد المهدي.

3 - استجابة الحكومة استجابة ايجابية (انتقائية) بشمول المتظاهرين بدرجات وظيفية استثناءً من الضوابط! هو توجه خاطئ فيه مظلمة لفئة أخرى كبيرة،  إذ لا يوجد في القوانين العراقية منح التعيين لمن يطالب بهِ فقط! بل توفير فرص عمل لجميع العراقيين هو واجب السلطة والفرص في القطاعين العام والخاص. 

4 - هذهِ الاستجابة الايجابية (الانتقائية) وفرت مناخاً خاطئاً لدى العامة بالاعتراض أو المطالبة بأي مطلب بغض النظر عن مشروعيته من عدمها، أو بغض النظر عن تداعياته المستقبلية.

5 - التعيين العشوائي يولد ضغطاً على نفقات الدولة التشغيلية، وينتج عبئاً على بلد يعتمد السياسة الريعية المنفردة في بناء موازنته العامة، وهذهِ الموازنة قراراها ليس محلياً أو وطنياً، بل له مؤثرات خارجية تؤثر في السوق العالمية ارتفاعاً أو انخفاضاً! مما قد يسبب ازمة توفير سيولة نقدية لتسديد رواتب العاملين في الدولة فضلاً عن المتقاعدين منهم. 

6 - نسب العرض للموارد البشرية بازدياد مضطرب يقابله تراجع في الطلب وحاجة السوق لقسم كبير من الموارد، خصوصاً التخصصات الانسانية أو افتقار سوق العمل لموارد بشرية مهنية محترفة.

نجد أن القرارات الشعبوية (الارضائية) لن تسهم في بناء الدولة لمصلحة المواطن مستقبلاً، بل تزيد من تراكم التبعات وتثقل كاهل السلطات القادمة، إن العدالة في توزيع الموارد هي أهم مفتاح لبناء الدولة والاستقرار المالي وتحقيق ميزان تجاري متوازن هي ادوات توفير فرص العمل لمستحقيها فأمسى من الضروري ايقاف التعيينات لمدة أربع سنوات على الإقل، واعادة هيكلة مؤسسات الدولة نحو البناء الرشيق والذكي واستقطاب الكفاءات والمحترفين فقط وفتح الباب امام المستثمرين في القطاعات الصناعية والانشائية كقطاع السكن لتوفير مئات الالاف من فرص العمل، ليحيا المواطن حراً كريماً في بلده ويبني مستقبله بعيداً عن الوظائف العامة التي ترهق البلد والموظف في آن واحد، ونادراً ما نجد موظفاً تطور في مجال عمله بسبب انتمائه للوظيفة! وفي المقابل نجد نسبا كبيرة في القطاع الخاص قد تطورت أدوات عمله واصبح محترفاً في مجاله بحكم التنافس الشديد في القطاع 

الخاص. 

اذاً ضرورة توفير بيئة مناسبة في القطاع الخاص لتحقيق هدف الهجرة العكسية من الوظيفة العامة للقطاع الخاص، وايقاف مسلسل التعيينات العشوائية وقيادة الامة العراقية نحو المسار الصحيح، بدلاً من الانقياد لفئة معينة وهذا هو صلب العمل السياسي ان تكون سلطة ابوية تقسي في بعض الأحيان لتحقيق مصلحة عامة.