المحتوى الإعلامي لخليجي البصرة

آراء 2023/01/16
...

 حمزة مصطفى


لا تفصل أقرب مدن الخليج العربي (المملكة العربية السعودية والكويت) سوى بضعة مئات من الكيلومترات عن مدن عراقية حدودية كالبصرة على سبيل المثال. 

معظم هذه المسافات لو اعتمدنا الخريطة أو الجي بي تكاد تكون أقرب مما يفصل البصرة كبرى محافظات ومدن الجنوب العراقي عن بغداد العاصمة, وأقرب بكثير مما يفصلها عن مدن عراقية بعيدة عن بغداد مثل نينوى أودهوك.

الأمثلة كثيرة على مستوى الجغرافية والتي لا تختلف كثيرا على مستوى التاريخ حيث القواسم المشتركة على كل الصعد بمن في ذلك الإمتدادات العشائرية والقبلية.

لهذه الأسباب مجتمعة فإنه ما كان ينبغي أن يكون حجم المفاجأة بين الخليجيين والبصريين بالطريقة التي حصلت على مدى الأسبوع الماضي عند بدء بطولة خليجي البصرة 25. 

المشاعر والعواطف التي عبر عنها أهالي البصرة عند استقبالهم أشقاءهم أهالي الخليج العربي عند بوابات المدينة الجوية والبرية، بدت وكأن الطرفين يعيدان اكتشاف بعضهم البعض. 

طبقا لما جرى تداوله على صعيد المحتوى الإعلامي للبطولة، والذي تجلى في ما بات يجري التعبير عنه حتى في سياق رسائل إعلامية «برامج بقنوات فضائية, تصريحات لمسؤولين رسميين, عراقيين وخليجيين, أو مواطنين عاديين, عراقيين وخليجيين» فإن ما حاولت السياسة تكريسه على مستوى الفرقة والاختلاف انهار تماما عند أول قبلة وأول دمعة وأول عزيمة في مطعم أو مقهى.

سرعان ما بدا أن هناك حاجزا وهميا كان يعبر عنه من خلال هواجس خوف أو ترقب بين الطرفين.

وواهم من يظن أن هذا الحاجز الذي سرعان ما زال أنه يعود لحقبة ما بعد 2003, بل يعود في جانب أساسي منه إلى حقبة التسعينيات من القرن الماضي لا سيما بعد غزو العراق للكويت عام 1990. 

صحيح أن سياسات ما بعد 2003 التي يتحمل الطرفان, العراقي والخليجي, مسؤولية مابدا أنه خوف أو حذر أو حتى كراهية, عراقية لبلدان الخليج, أو خليجية للعراقيين, ساهمت بشكل أو بآخر بخلق حواجز وهمية بين الجانبين وهو ما حصل الآن عبر خليجي البصرة، الذي جمع بعد قطيعة دامت أكثر من 40 عاما دول الخليج العربي على أرض العراق. 

مفاجأة الاستقبال طوت الصورة النمطية السابقة، التي كونها فضاء إعلامي مأزوم يتحمله الطرفان.

وعندما بدأ إعلاميون خليجيون ومقدمو برامج لفضائيات خليجية, رياضية ام غير رياضية يتغنون بالعراق تاريخا وحاضرا، مثلما يتغنون بأي دولة خليجية سقط تماما الشحن الإعلامي الذي لم يتمكن من اختراق المعدن الحقيقي لشعوب المنطقة. 

الحاصل أننا الآن حيال محتوى إعلامي واحد, خليجي عراقي, عراقي خليجي.

نجحت البطولة وخسر المتراهنون.

الأهم أن كأس البطولة صارت من حصة الناس قبل لواعيب الكرة.