لتكنْ حملة الإصلاح في نينوى.. أنموذجاً للمحافظات

آراء 2019/04/06
...

عبد الحليم الرهيمي
تشهدُ محافظة نينوى، بعد فاجعة العبارة المؤلمة، بدء حملة واعدة لمكافحة الفساد المالي والإداري والتي جرى التعبير عنها بملاحقة ومساءلة عددٍ ممن وجهت إليهم تهم الفساد والإضرار بمصالح أبناء المحافظة والتي تمثلت ابتداءً بإقالة المحافظ ونائبيه وملاحقتهم قضائياً ومن ثم تكليف أو تشكيل الحكومة الاتحاديَّة خلية أزمة برئاسة الدكتور مزاحم الخياط الذي باشر وفريقه بملاحقة العشرات من المدراء والعاملين في ديوان مجلس المحافظة وإحالتهم الى القضاء لمساءلتهم واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم، إذ رافق كل ذلك إطلاق رئيس الخلية، الذي يقوم بمهام المحافظ، تعهدات بمواصلة الحملة لإصلاح الأوضاع بالمحافظة التي بدأت بملاحقة الفاسدين والتحقيق في أسباب حادثة العبارة المروعة وتحديد مسؤولية الجهات المتسببة بها بدءاً بالمحافظ ونائبيه وعددٍ من موظفي ديوان المحافظة إضافة الى أشخاص وجهات غير رسمية من تجار ومقاولين وجماعات مسلحة.
لقد حظيت خلية الأزمة ورئيسها بثقة ورضا أبناء المحافظة وعددٍ من نوابها، الأمر الذي سيمكنها ورئيسها من توسيع نطاق حملة الإصلاح لأوضاع المحافظة ليس فقط من الخراب الذي تسببت به القيادات السابقة، وإنما السعي ايضاً لإعادة الحياة الطبيعية لأهلها بانجاز المشاريع الخدميَّة والعمرانيَّة التي توقفت إبان سيطرة داعش على المحافظة وكذلك إبان تولي المحافظ السابق ومجلس المحافظة مسؤولية إدارة المحافظة وقيادتها.
إنَّ الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الاتحادية والبرلمان وخلية الأزمة ورئيسها التي يمكن وصفها بـ”حملة الإصلاح للمحافظة” إنما تشي بإمكانية مواصلة هذه الحملة ونجاحها ليس فقط لفائدة أبناء المحافظة ومصلحتهم، إنما أيضاً لفائدة ومصلحة المحافظات الأخرى وأبنائها وأن تكون أنموذجاً يحتذى به. وإذا كانت تداعيات عبارة الموت قد أدت، من بين ما أدت إليه، الى هذه الحملة الإصلاحية الواعدة لمحافظة نينوى، فإنَّ الفساد المالي والإداري في معظم مجالسها وإداراتها يستوجب ايضاً إطلاق حملة إصلاحيَّة في بقية المحافظات والتي عبرت عن الدعوة لتحقيقها التظاهرات والاعتصامات التي حدثت في تلك المحافظات ولا سيما في محافظات البصرة وذي قار وبابل والمثنى فضلاً عن محافظة بغداد التي تشهد منذ سنوات تظاهرات واعتصامات تطالب بإقصاء وملاحقة الفاسدين من المحافظين وأعضاء مجالس المحافظات كخطوة أولى وضروريَّة لبدء حملة إصلاحيَّة في تلك المحافظات.
لقد اتخذت حكومة العبادي في الفترة الأخيرة لولايتها، أي في أوائل شهر أيلول الماضي، قراراً (بتشكيل لجنة تحقيقيَّة دائمة تتولى مهمة إجراء التحقيقات الإداريَّة مع المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات وبعضهم أعضاء في الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات..) وذلك استناداً الى كتاب رئيس الحكومة الذي أعلن ذلك القرار آنذاك رئيس سكرتارية الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات طورهان المفتي، غير أنَّ هذا القرار لم يجد طريقه الى التنفيذ مثل العديد من القرارات حتى الآن، حيث حان الوقت لتنفيذه.
إنَّ حملة الإصلاح الجارية في نينوى التي بدأت بإقالة المحافظ العاكوب ونائبيه وملاحقة أعضاء مجلس المحافظة وتشكيل خلية الأزمة، يمكن أنْ تشكل (أنموذجاً) لبقية المحافظات سواء بمبادرات من أبنائها أو الحكومة الاتحادية أو البرلمان، أملاً بأنْ تشكل خلايا أزمة لحل مشاكلها، وهو الأمر الذي سيعيدُ تكرار الدعوات لتعديل الدستور والنص على إلغاء مجالس المحافات وانتخاب المحافظ من أهالي المحافظات مباشرة وتعيين كفاءات مهنيَّة كمساعدين للمحافظ باختصاصه.