شباب: الرسم متنفس وآمال ابداعية

ولد وبنت 2023/01/16
...

  بغداد: سرور العلي 

تقضي عذراء سلام ذات الخامسة والعشرين ربيعاً، معظم وقتها في الرسم، وبعيون حالمة، تداعب أناملها الرقيقة سطح اللوحة، لترسم عالماً وردياً لا يشبه واقعها ومعاناتها، ففي عام 2014 أجبرت على ترك منزلها، والهجرة مع أسرتها أثناء سيطرة عصابات داعش الإجرامية على مدينة الموصل، ولفتت إلى أن الرسم كان لها المتنفس الوحيد.

فمن خلاله تجسد ما يمر به العراق من أزمات وحروب، ولتستذكر به مدرستها وصديقاتها، وكل ما فقدته.

ما تنقله عذراء عبر لوحاتها هو سبب من بين عدة أسباب ساهمت بزيادة عدد الرسامين الشباب في الآونة الأخيرة.

الرسامة طيبة الغانم أشارت إلى أن تلك الظاهرة لها إيجابيات وسلبيات، فهي تساعد الشباب على إظهار مواهبهم للعلن وتحد من البطالة، لا سيما أن معظمهم يمرون بظروف معيشية سيئة، بسبب ما نعانيه من تدهور في الجانب لاقتصادي، ما دفع بهم إلى جعل أعمالهم الفنية مصدر رزق لهم، من خلال بيعها لتلبية متطلباتهم، ومنهم من تكون أوضاعه المادية جيدة، لكي يهدف إلى نشر موهبته وإيصال إبداعه إلى الآخرين، بالتعبير عن واقعه من خلال لوحاته. 

وتابعت الغانم حديثها في ما يخص الجانب السلبي "البعض يعتمد بشكل أساسي على الرسم بمساعدة التطبيقات الموجودة في مواقع التواصل، وهذا ليس بصالحهم كون تلك التطبيقات يمكن استخدامها لتعديل بعض الأشياء البسيطة في اللوحة، لكن ليست كأداة أساسية للرسام، ولذلك أصبحنا نرى ونسمع أسئلة كثيرة، بأن هل هذه لوحة الفنان بريشته فعلاً، أم أنها مجرد رسمة تطبيق معين؟، وأنا لست ضد اخذ تفاصيل بسيطة من لوحة معينة، أو اقتباس من بعض تفاصيلها، ولكن على أن يكون أسلوبي الفني واضحاً فيها، وبالنسبة لمشاركات الشباب في المعارض والمهرجانات، فهي شيء مهم وضروري لنا كرسامين، لأنها تزيد من شعبية الفن الذي نقدمه للآخرين، وتحفز الشباب على إنتاج المزيد من اللوحات الفنية وبشكل أفضل، وبأعلى مستوى من التطور، وأن منتجي المعارض لهم فضل كبير في تحفيز الرسامين الشباب، وتبني مواهبهم التي تستحق أن يسلط عليها الضوء.

الرسام عمر سعد الله بين أن كثرة الرسامين، واتساع مشاركاتهم بالمهرجانات، هما ظاهرتان طغت في أكثر المجتمعات المعاصرة إن لم تكن أجمعها، وأعتقد أن ذلك بسبب الدافع النفسي، وعدم توفر الفرص لهذا الشاب، ليفجر ما في نفسه من طاقات مكبوتة، وفي الوقت نفسه أيضًا هناك العديد من لديهم طاقات يعبرون عنها من خلال موهبتهم، وكذلك استغلالها في العديد من المجالات واستثمارها بفرص عمل توفر لهم قوتهم اليومي.

الفنان التشكيلي عقيل خريف أوضح "اعتقد أن سبب زيادة عدد الرسامين له علاقة بزيادة العدد السكاني للعراق، وهو ليس فقط بهذا المجال، بل أيضاً بالمجالات الأخرى، وزيادة افتتاح الكليات لها علاقة بالظاهرة، لكن لو ركزنا على الشباب الرسامين برأيي أن توجههم لهذا المجال هو لسهولة إبراز الطاقات الإبداعية إعلامياً، سواء في منصات التواصل الاجتماعي أو في القنوات الفضائية ووسائل الاعلام 

المختلفة". 

مضيفاً والسبب الآخر رغبة الشباب العراقي بأن يقفوا بوجه الموت، والخراب الذي تعرض له بلدهم ويعبّروا عنه بجماليات شتى، لكن أغلبهم ليس لديهم إطلاع على الفن التشكيلي وتاريخه، فمجرد وجودهم في هذا المهرجان أو المحفل، وهم يقومون برسم لوحة أمام الآخرين، وتفاعلهم معهم يشعرهم بأنهم يقدمون شيئاً لبلدهم أو بيئتهم، وأنا لست ضدهم، بل نطمح أن يقدموا شيئاً جميلا يليق بالحركة التشكيلية العراقية، لكن مجرد بهرجة وحضور، وقص أشرطة في المهرجانات يؤخذ ذلك بجانب الفرح، ولا ينتمي للفن 

بشيء".